أجلسه، ثم قال له:» يا أخا العرب أتحب هذا لأمك؟ «فانتفض الشاب، وتغيَّر وجهه وقال: لا يا رسول الله جُعِلْتُ فِدَاك، فقال:» أتحبه لأختك؟ أتحبه لزوجتك؟ أتحبه لبناتك؟ «والشاب يقول في كل مرة: لا يا رسول الله جُعِلْتُ فِدَاك.
ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ولا لأخواتهم ولا لزوجاتهم ولا لبناتهم «ثم وضع يده الشريفة على صدر هذا الشاب ودعا له:» اللهم نَقِّ صدره، وحَصِّن فَرْجه «» .
وانصرف الشاب وهو يقول: لقد خرجتُ من عند رسول الله وليس أكرَه عندي من الزنا، ووالله ما همَمْتُ بشيء من ذلك إلا وذكرْتُ أمي وأختي وزوجتي وبناتي.
وما أشبه طريقة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في علاج هذا الشاب بما يفعله أهل الصيدلة، فعندهم مصطلح يسمونه «برشمة المر» ، فإن كان الدواء مُرّاً ولا يستسيغه المريض غَلَّفوه بمادة سكرية حتى يمرَّ من منطقة التذوق، فلا يشعر المريض بمرارته.
وقد جعل الخالق سبحانه منطقة التذوق في اللسان فحسب، دون غيره من الأعضاء التي يمرُّ بها الطعام، واللسان آية من آيات الله في خَلْق الإنسان، ومظهر من مظاهر قدرته سبحانه، حيث جعل فيه حلمات دقيقة يختصُّ كل منها بتذوُّق نوع من الطعام: فهذه للحلو، وهذه للمر، وهذه للحرِّيف، وهكذا، مع أنها مُتراصّة ومُلْتصقة بعضها ببعض.