إذن: بالسماع انتقلتْ اللغة، وكُلٌّ سمع من أبيه، ومن البيئة التي يعيش فيها، فإذا ما سلسلْتَ هذه المسألة ستصل إلى آدم عليه السلام وهنا يأتي السؤال: وممَّنْ سمع آدم اللغة التي تكلم بها؟
وقد حلَّ لنا القرآن الكريم هذه القضية في قوله تعالى:{وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا}[البقرة: ٣١]
وأكثر من ذلك، فقد يتكلم العربي بنفس لغتك ولا تفهم عنه ما يقول، واللغة هي اللغة، كما حدث مع أبي علقمة النحوي، وكان يتقعَّر في كلامه ويأتي بألفاظ شاذة غير مشتهرة، وقد أتعب بذلك مَنْ حوله، وخاصة غلامه الذي ضاق به ذَرْعاً لكثرة ما سمع منه من هذا التقعر.
ويُروَي أنه في ذات ليلة قال أبو علقمة لغلامه:(أَصَقَعَتِ العَتَارِيفُ) ؟ فردَّ عليه الغلام قائلاً:(زقْفَيْلَم) .
وكانت المرة الأولى التي يستفهم فيها أبو علقمة عن كلمة، فقال: يا بني وما (زقْفَيْلَم) ؟ قال: وما (صقعت العتاريف) ؟ قال: أردتُ: أصاحت الديكة؟ فقال الغلام: وأنا أردتُ لم تَصِحْ.
إذن: فكيف نستبعد أننا لا نعلم لغة المخلوقات الأخرى من حيوان ونبات وجماد؟ ألم يكْفِنا ما أخبرنا الله به من وجود لغة لجميع المخلوقات، وإنْ كنا لا نفهمها؛ لأننا نعتقد أن اللغة هي النطق باللسان فقط، ولكن اللغة أوسع من ذلك.
فهناك مثلاً لغة الإشارة، ولغة النظرات، ولغة التلغراف.