إذن: اللغة ليست اللسان فقط، بل هي استعداد لاصطلاح يُفْهم ويُتعارف عليه، فالخادم مثلاً يكفي أن ينظرَ إليه سيّده نظرة يفهم منها ما يريد، فهذه النظرة لَوْنٌ من ألوان الأداء.
والآن بدأنا نسمع عن قواميس يُسجّل بها لغات بعض الحيوانات لمعرفة ما تقول.
وقد أعطانا الحق تبارك وتعالى إشارات تدل على أن لكل عَالَم لغة يتفاهم بها، كما في قوله تعالى:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجبال يُسَبِّحْنَ. .}[الأنبياء: ٧٩]
فالجبال تُسبّح مع داود، وتُسبِح مع غيره، ولكن المراد هنا أنها تُسبّح معه ويوافق تسبيحها تسبيحه، وكأنهما في أنشودة جماعية منسجمة. إذن: فلا بُدَّ أن داود عليه السلام قد فَهِم عنها وفهمتْ عنه.
وكذلك النملة التي تكلمتْ أمام سليمان عليه السلام ففهم كلامها، وتبسَّم ضاحكاً من قولها. وقد علَّمه الله منطقَ الطير. إذن: لكل جنس من الأجناس منطق يُسبّح الله به، ولكن لا نفقه هذا التسبيح؛ لأنه تسبيح بلغة مُؤدِّية مُعبّرة يتفاهم بها مَنْ عرف التواضع عليها.
وقد جعل الحق سبحانه وتعالى تنزيهه مطلقاً ينقاد له الجميع، حتى الكافر ينقاد لتنزيه الله قَهْراً عنه، مع أن لديه ملكةَ الاختيار بين الكفر أو الإيمان، لكن أراد الحق سبحانه أن يكون تنزيهه مُطْلقاً من الجماد والنبات والحيوان، ومن المؤمن والكافر. كيف ذلك؟
أطلق الحق سبحانه على ذاته لفظ الجلالة (الله) فهو عَلَم على