أي: قالوا مجنون، والمجنون ليس عنده اختيار بين البدائل، وقد رَدَّ الحق سبحانه عليهم بقوله:{ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ١ - ٤]
فنفى الحق سبحانه عن رسوله هذه الصفة، وأثبت له صفة الخُلق العظيم، والمجنون لا خُلقَ له، ولا يُحاسَب على تصرفاته، فهو يشتم هذا ويضرب هذا ويبصق في وجه هذا، ولا نملك إلا أنْ نبتسم في وجهه ونُشفِق عليه.
ولقائل أنْ يقول: كيف يسلبه الخالق سبحانه وتعالى نعمة العقل، وهو الإنسان الذي كرّمه الله؟ وكيف يعيش هكذا مجرد نسخة لإنسان؟
ولنعلم الحكمة من هذه القضية علينا أنْ نُقارن بين حال العقلاء وحال المجنون، لنعرف عدالة السماء وحكمة الخالق سبحانه، فالعاقل نحاسبه على كل كبيرة وصغيرة ومقتضى ما تطلبه من عظمة في الكون، ومن جاه وسلطان ألاَ يُعقّب على كلامك أحد، وأنْ تفعلَ ما تريد.