للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينه وبين الفقهاء والدولة وحبسه مرات وأحواله لا يحتمل ذكر جميعها هذا الموضع.

ولما مات كنت غائبًا عن دمشق بطريق الحجاز، ثم بلغنا خبرُ موته بعد وفاته بأكثر من خمسين يومًا لمّا وصَلْنا إلى تبوك، وحصل التأسُّف لفقده رحمه الله تعالى. هذا لفظه في هذا الموضع من "تاريخه".

ثم ذكر الشيخ علَم الدِّين بعد إيراد هذه الترجمة جنازة أبي بكر بن أبي داود وعظمها، وجنازة الإمام أحمد ببغداد وشهرتَها، وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: سمعت أبا عبد الرحمن السيوفي يقول: حضرت جنازة أبي الفتح القوّاس الزاهد مع الشيخ أبي الحسن الدّارقطني فلما بلَغ إلى ذلك الجمع العظيم أقبل علينا وقال: سمعت أبا سهل بن زياد القطّان يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز.

قال: ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة، بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك، وتعظيمهم له، وأن الدولة كانت تحبُّه، والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق، وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعًا لو جمعهم سلطان قاهر، وديوان حاصر، لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته، وانتهوا إليها.

هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسًا من جهة السلطان، وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة، ممّا ينفِّر منها طباعَ أهل الأديان، فضلًا عن أهل الإسلام. وهذه كانت جنازته.

قال: وقد اتفق موتُه في سحر ليلة الاثنين المذكور، فذكر ذلك مؤذن القلعة على المنارة بها وتكلم به الحرّاس على الأبرجة، فما أصبح الناس إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>