للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هنا فإن تحقيق نص من ذوي النسخة الفريدة يُصبح أكثر صعوبة من تحقيق نص تتوافر له أكثر من نسخة.

وآثر ذي أثير لابُد لمن يتصدى لمثل هذا العمل الخطير المحفوف بالصعوبات أن يكون له اختصاص متميز بموضوع النص وقدرة على هضم مكوناته، وقابلية على قراءته قراءة سليمة، وأن يكون من ذوي الاطلاع الواسع على مناجمه، ومن القدراء على معرفة خباياها متمكنًا من تدقيق كل معلومة ضمن اختصاصه.

ولابد لي من الإشارة هنا إلى أنَّ الاختصاص لا يعني التحصّل على شهادة جامعية أو رتبة أكاديمية عالية، فإن كثيرًا من المؤرخين مثلًا قد يختصون بعصر دون آخر، أو جانب من جوانب التاريخ غير معنيين بالجانب الذي يتناوله النص، فضلًا عن قلة ممارسة للنصوص الخطية، والدُّربة في تحقيق النصوص، والمعرفة بأصولها ولوازمها. فالاختصاص المنوّه عنه هنا هو المعرفة التامة بموضوع النص وصاحبه وعصره والكتب المؤلفة في بابته، فضلًا عن موارده ومكوناته مع الإلمام التام بقواعد التحقيق والخبرة فيه.

إنّ محاولة إخراج نص سليم من نسخة فريدة لا تُعلم دقة ناسخها يتعين أن يقوم على تدقيق كل معلومة فيه في الوقائع، والأسماء، والبلدان، واللغة، وعلاقة النص ببعضه، وعرضها على أوثق الموارد لبيان صحتها، وإلا جاء النص مشوهًا من أخطاء قد يقع فيها الناسخ لم يدركها محققه، أو سوء قراءة للنص تنبئ عن ضعف في معارف المتصدي لهذا النص.

إن الأمثلة التي سوف أقدمها في التصحيف والتحريف والسقط الواقع في هذه الطبعة ستكون من وسط عمله، لئلا يقال: إن المحقق نشط في أول عمله ثم ضعف في آخره، فالكتاب بمجموعه يمثل هذه البلايا التي أفسدته

<<  <  ج: ص:  >  >>