للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الاثنين المَذْكور، ووَصلَ خبرُه إلى دمشقَ، وصُلِّي عليه بجامعها صلاةَ الغائب في يوم الجُمُعة ثامن عَشَر ذي القَعْدة، رحمهُ اللهُ تعالى.

ومولدُه في رَمَضان سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة بمدينة سِنْجار.

وكانَ شَيْخًا فاضلًا، مُتَفَنِّنًا من أعيانِ الشّافعيّةِ المُفْتين المُدَرِّسين، وله معرفةٌ بالأصولِ والعَربيةِ والأدبِ والنَّظْم والنَّثْر. وكانَ حَسَنَ الذِّهْن، صحيحَ المُناظرة، جيِّد العبارة، مليحَ الكِتابة، وله تَعَاليق وفَوَائد، وسَمِعَ "جُزء ابن عَرَفة" من النَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وحَدَّث به مرّات، وسَمِعَ من جماعةٍ من أصحابِ ابن طَبَرْزَد وغيرهم بالقاهرة ودمشق والقُدْس، وقَرأ بنفسِه الكُتُب الكِبار وطَلَب مدّة ورَحلَ إلى الدِّيار المِصْرية والإسكندرية، وحَكَمَ بدمشقَ نيابةً عن قاضِي القُضاة بَدْر الدِّين ابن جَمَاعة مدّةً، ثم تَركَ النِّيابةَ ودَرَّس بالشّامية البَرّانية مدّةً، ثم عُوِّض عنها بالمَدْرسةِ النّاصرية، وأقامَ مُدَرِّسًا بها عِشْرين سنة، وأخذَها منه الشَّيخُ زَيْنُ الدِّين الفارقيُّ، وقاضي القُضاة بَدْر الدِّين، ثم استعادَها منهما، ووَلِيَ وكالةَ بَيْت المال بدمشقَ أكثر من اثنتي عَشْرة سنة، ووَلِيَ مَشْيخةَ دارِ الحَدِيث الأشْرَفية ثماني سنين، ووَلِيَ مَشيخةَ الحَديث بالتُّربةِ الصّالحيةِ مكان والده، وبَقِيَ شيخًا بها ثلاثًا (١) وثلاثين سنة، وهي أول مَناصبه، ووَلِيَ مَشيخةَ الرِّباط النّاصريّ بالصّالحية أكثر من خَمْس عَشْرة سنة، وكانَ مَشْكورَ السِّيرة في الجِهات التي بيَدِه، له نَهْضة وهِمّةٌ وأمانةٌ وافرةٌ، وحِرْصٌ على تَثْمِيرِ الأوقاف وإيصالها إلى أهلِها. وكانَ حَجَّ سنة ثلاثٍ وسَبْع مئة، وحَدَّثَ بالحِجاز.

قرأت عليه "جُزء ابن عَرَفة" بالمدينةِ النَّبوية، على ساكِنِها أفْضَل الصَّلاة والسَّلام.


(١) في الأصل: "ثلاثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>