للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهاء الدين ابن عساكر، وابن سعد. وجماعة من الشيوخ. وسمعت "صحيح البخاري" على ست الوزراء بنت المنجى، وحفظت من الكتاب العزيز، وتعلمت الخط، وكتبت ربعةً شريفة، وكتاب "الأحكام" لمجد الدين ابن تيمية، و"صحيح البخاري" في ثلاثة عشر مجلدًا، وغير ذلك. وحجت وسمعت بطريق الحجاز، وحدثت بالحرمين الشريفين.

قال والدها علم الدين، كما نقل عنه تلميذه صلاح الدين الصفدي: "وكانت امرأة مباركة محافظة على الفرائض والنوافل لها اجتهاد وحرص على فعل الخير، تجتهد يوم دخول الحمام أن لا تؤخر الفريضة عن وقتها، لا تدخل حتى تصلي الظهر، وتجتهد في الخروج لإدراك العصر، وكذلك تُسارع في قضاء أيام الحيض من شهر رمضان تصومها وتعجلها وتحتاط فيها. وكانت فيها مودة وخير وعقل ومعرفة، وخير لم يفارقها قط. وتزوجت نحو خمس سنين، ولم تخرج من البيت، وما رأيت منها إلا ما يسرني، وكنتُ إذا رأيتها تصلي أفرح وأقول: أرجو الله أن ينفعني بها؛ فإنها كانت تصلي صلاة مكملة، وتجتهد في الدعاء، ولم تسألني قط شيئًا من الدنيا ولا شراء حاجة. وانتفعت بها في الدنيا، وأرجو أن ينفعني الله بها في الآخرة. واعتبرت الشيوخ الذين سَمِعَت منهم فوجدتُهم مئة وخمسًا وثمانين نفسًا".

وتوفيت، رحمها الله تعالى، في يوم الاثنين الحادي والعشرين من صفر سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة، ودفنت عند تربتهم خارج الباب الشرقي (١).

والنسخة التي كتبتها فاطمة بخطها من "صحيح البخاري" صارت من النسخ المعتمدة تُنقل عنها النسخ لجودتها ودقتها وضبطها، بل كان إمام الدنيا في عصره جمال الدين المزي يُقرأ عليه الصحيح من هذه النسخة تحت القبة بجامع دمشق، وكان والدها قد قابله لها مرتين.


(١) أعيان العصر ٤/ ٣٠ - ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>