للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في روضات كتبهم ومؤلفاتهم، فإنها مشحونة بنظير ما قال به الشافعيُّ وأصحابُه رضي الله عنهم (١).

وأما مذهب إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس رحمة الله عليه، ففي ذلك آكد وأبلغ، ونصوصُه في توفية حقوق التعظيم في الزيارة أكمل وأسبغ، سلك من الأدب في الزيارة ما لم يَسْلُكْ أحدٌ سُبُلَه، فقال: إذا سلَّم على النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة (٢). رأى أنَّ تَحويلَ الوجه عن القبر إلى القبلة تقصيرٌ في الأدب وقصور، وأفتى بالمسألة وقال بها وناظر (٣) فيها أبا جعفر المنصور (٤)، فرحم الله هذا الإمام القدوة، بما أعظم مع الجناب الشريف من الأدب، وجعل تِلاع (٥) التعظيم صَحاصحَ (٦)

بإزالة ما كان


(١) الاختيار ١/ ١٧٥.
(٢) لاأصل لذلك عن الإمام مالك رحمه الله، بل كانت السنة عند الصحابة وأئمة المسلمين إذا سلّم العبد على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، أن يدعو الله مستقبلاً القبلة، ولا يدعو مستقبل الحجرة، ولم يتنازعوا في ذلك، وإنما اختلفوا في وقت السلام عليه، فقال الأكثرون: يسلم عليه مستقبل القبر، وقال أبو حنيفة: يسلم عليه مستقبل القبلة مستدبر القبر، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول: السلام عليك يارسول الله، السلام عليك ياأبا بكر، السلام عليك ياأبت، ثم ينصرف. انظر: مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٦٦.
(٣) الحكاية هذه باطلة لا أصل لها عن الإمام مالك مع المنصور، ولم يتنازع الأئمة في أن السنة استقبال القبلة وقت الدعاء لااستقبال القبر النبوي. انظر: مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٦٦.
(٤) هو عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، استخلف بعد أخيه السفاح، ولد سنة ٩٥ هـ أو نحوها، وتوفي ببئر ميمون قريب من مكة سنة ١٥٨ هـ. تاريخ بغداد ١٠/ ٥٣، سير أعلام النبلاء ٧/ ٨٣.
(٥) جمع تَلْعَةٍ، وهي: ما ارتفع من الأرض، وما انهبط منها، ضدٌّ … والقطعة المرتفعة من الأرض. القاموس (تلع) ص ٧٠٧.
(٦) الصَّحْصَحُ، والصَّحْصَاحُ والصَّحْصَحَان: ما استوى من الأرض. القاموس (صحح) ص ٢٢٨، والجمع: الصحاصح، كما في اللسان (صحح) ٢/ ٥٠٨.