للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فركبوا عليهم وكسروهم وضربوهم، وبلغوا منهم البِلغين (١)، وخلصوا منهم سالمين، وحيث غدروا بِهم بعد الصُّلح لم يفلحوا، ولا عاقبةَ للظالمين.

ولمَّا كان في عام ستٍّ وثلاثين توجَّه طفيل إلى مصر واستخلف ولده المسمى بعجمي (٢)، فغضب عليه السُّلطان لكتابٍ ورد عليه من القاضي شرف الدِّين الأميوطي (٣)، فبرز مرسوم إلى القاضي مضمونُه: إنَّا قد سلَّمْنَا إِمْرةَ المدينة إلى الأمير أبي مزروعٍ /٤٨٧ وُدَيِّ بن جمَّاز (٤)، وقد كتبنا له تقليداً، فتمكَّن نُوَّابُه من المدينة، وتمنَّع آل منصور أن يتعرضوا لأذية النَّاس، ثمَّ وصل وُدَيٌّ في ذي القعدة وحبس طفيلاً نَحو أربعين يوماً، ثمَّ أخرج من الحبس وأُنعم عليه بأخبازٍ يستغني بِها، ورسم لهم بأملاكهم التي بالمدينة.

واستمرَّ وُدَيٌّ إلى سنةِ ثلاثٍ وستين وسبعمائة، فلمَّا كان في شهر القَعدة من هذا العام توجَّه طُفيل إلى المدينة بِجموعه ومعه آلُ منصور قاطبةً بأهلهم وأموالهم، ونزلوا تحت جبل سلع ممَّا يلي المدينة، فلمَّا كان سَحَرُ تلك الليلة نصبوا على السُّور سُلَّماً ودخلوا المدينة، ولمَّا يتعرَّض لقتالهم أحدٌ، فداروا على الدُّروب وكسروا أقفالها، وفتحوا أبوابَها، حتى دخل جميع مَنْ كان معهم، ونَهب بعض الدور، وكسَّرت العرب جميع دكاكين السُّوق ونَهبوا ما فيها، فلمَّا أصبحوا نادى طُفيلٌ بالأمان فأمِنَ النَّاس وخرجوا إليه وهنَّؤوه بالنُّصرة والولاية.

واستقرَّ إلى أَنْ جهَّز أخاه جمَّازاً إلى مصر صحبة الرَّكب فأنعم عليه


(١) يقال للداهية: بلغت منا البِلَغِين. أي كلَّ مبلغ. القاموس (بلغ) ص ٧٨٠.
(٢) ذكر في التحفة ٣/ ١٧٩ أن أباه استخلفه حين توجه لمصر سنة ٧٣٦ هـ.
(٣) اسمه محمد بن محمد، ترجمته في حرف الميم.
(٤) تأتي ترجمته في حرف الواو.