للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ضَرِيحُه الكريم /٢٧ أيضاً مَقْصِدَ الخلائِقِ، ومَفْزَعَ كلِّ مُحِبٍّ شَبِقٍ (١) ومشتاق شائق (٢)، ويكون ذلك أمراً على مَمَرِّ الأيام ظاهِراً، ونُوراً مُستمراً بَاقياً بَاهِراً، حتى اسْتَتَرَ لِظُهورِ نُورهِ كُلُّ نورٍ سِوَاهُ، وظهر لامِعٌ من نُورهِ، فَسَتَرَ كلَّ سِرٍّ وأَخْفَاهُ، فسائرُ الأنبياءِ عند طلوع شَمْسِهِ أقمارٌ وكواكب، وإذا زَخَرَ البَحْرُ يَطِمُّ على الأنْهَار والكَوَاكِبِ (٣).

الثالث: أنَّهُ كان في الأَعْصُرِ السالفة إذا قُبِضَ نبيٌّ قام نبيٌّ يقوم بشرع الله تعالى وحِفْظِ دِينهِ، وإقامةِ حُجَّتِه وبراهِينِه، ولَمَّا كان محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم خاتَمَ النَّبِيِّينَ، قد أُغْلِقَ بَابُ النبوة والرسالة بعدَه، والخلقُ محفوظُونَ، والدين مرتفِعٌ قواعِدُ أَرْكَانهِ، والشرعُ مُشَبَّهٌ بِعَاقِدِ بنيانِه، وذلك ببركةِ أنْوارهِ وأخبارهِ وآثارِه، وخلفائهِ وأصحابهِ وأتباعِه، فهو القائمُ بأمر الله، والمقيمُ لِحُجَّةِ الله، والحافظُ المَحْفوظُ لله وبالله، مُدَّةَ إقامته في الدنيا، وبعد رجوعِهِ إلى الله تعالى، فنورُه باقٍ دائمٌ، ودينُه ثابتٌ قائمٌ، ناسَبَ (٤) أن يكون مَزُوراً مشهوداً إلى يوم الدين، والخلائِقُ

متوجهين إلى جنابِهِ قاصدينَ، ولِضَرِيحِهِ الأقْدَسِ مُعظِّمين، وبساحةِ كَرَمِه حاضرينَ،

ولأنواره مُشاهِدينَ مُعَايِنينَ، لا يَبْرحُ ذلك دَهْرَ الداهِرِينَ، وعَوْضَ العائِضِينَ (٥).


(١) الشَّبَق: شدة الحب. التاج (شبق) ٦/ ٣٩٠.
(٢) الشائق: العاشق، وجمعه: شُوق. اللسان (شوق) ١٠/ ١٩٢.
(٣) طَمَّ على الأنهار: أي: كثر، حتى علا وغلب. القاموس (طمم) ص ١١٣٣. والكواكب جمع: كوكب، والمراد به هنا: الطَّلْق من الأودية. المرجع السابق (كوكب) ص ١٣١.
(٤) هذا رأي من المؤلف عفا الله عنه، ولادلالة عليه من الكتاب ولا من السنة.
(٥) جاء في اللسان (عوض) ٧/ ١٩٣: ومن كلامهم: لا أفعله عَوْضَ العائضين ولا دَهْرَ الداهرين، أي: لاأفعله أبداً.