للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في خلافة بني العباس، وعلى تقدير أنَّها كانت موجودة، وصح أن الوليدَ أوَّلُ من عمل ذلك، وكانت باقية إلى خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فسكوته عنها، وتركه الأمر بإزالتها يَحتمل وجوهاً:

منها: أنه غفل عنها لاشتغاله بما هو أعظم وأهم، وهذه جزئية غير واقعة في النظر ولا في القرب، فتحتمل الإغفال.

ومنها: أن مدة خلافته كانت سنتين فلم يُذَكَّرْ به، ولو ذُكِّرَ به لفعل.

ومنها: أن الصفائح ليس حُكمُها حُكمَ القناديلِ حتَّى يُنْظَمَا في سِلْكٍ واحدٍ.

ولا خلافَ أن الوليدَ لم يُعَلِّقْ في الكعبةِ قناديل، وإنَّما الكلامُ /٥٣٧ في الصفائحِ، فإن صَحَّ أنه ارتكب ذلك، وأبقاه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مع التذكرِ والتيقُّظِ له فإنَّما فعل ذلك لأنه صار في حُكمِ المال الموقوف الموضوع في خزانة، ولأنه أحفظ له من قلعهِ ووضعهِ في جوفِ الكعبةِ أو خزانةٍ.

بل ربَّما كان يتعينُ إبقاؤها لهذا المعنى، لأن قَلْعَه ربَّما يؤدي إلى تَلَفِ مالِ الكعبة، فلأجل هذا المحذور يُحتمل أنه تساهل في إبقائه.

ولا يَمتنع أن يكونَ ابتداءُ الشيء حَرَاماً، ثم تكونُ استدامته جائزة، ولها نظائر.

وقال: إن القاضي حسيناً (١) جَزَمَ بتحليةِ المسجدِ بالقناديلِ من الذهبِ ونَحوها، وأن حكمها حكم الحلي المباح، وهذا أرجحُ مِمَّا قاله الرافعي لأنه


(١) الحسين بن محمد بن أحمد، أبو علي القاضي الْمَرْوَرُّوذِي، صاحب «التعليقة»، كان فقيه خُراسان وحَبْر المذهب، توفي في المحرم سنة ٤٦٢ هـ. وفيات الأعيان ٢/ ١٣٤، طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٣٥٦، ترجمة رقم ٣٩٣. العبر ٢/ ٣١٢.