للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المحبة ذهابَ الهموم والأحزان، عند رؤية المحبوب وازدياره، وزوالَ الغموم والأشجان، عند الاقتراب والحلول بمنزله ودياره.

ومنها: المبادرة إلى بذل ما عَزَّ عليه بَذْلُه من المال، و صَرْفِه إلى من هو أحوج إليه من ذوي العيال، فإن من علامات المحبة بَذْلَ المحب في رضى محبوبه ما أحبه، بل ما يقدر عليه مما يبخل به بدون المحبة.

قال العلماء: وللمحبة في هذا ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يبذله وهو عليه شاقٌّ كَلِفٌ وهذا في ابتداء الأمر، فإذا قويت المحبة بذله رضاً وتطوعاً، فإذا تمكنَتْ من القلب غايةَ التمكُّنِ بذلَه سؤالاً وتَضرُّعاً، حتى كأنه يأخذه من المحبوب، فيبلغ به ذلك إلى أن يبذل نفسه دون محبوبه، كما كانت الصحابة رضي الله عنهم يَقُونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، في الحرب بنفوسهم حتى يُصْرَعُوا حولَه، ولقد أحسن القائل:

ولي فؤادٌ إذا لَحَّ الغرامُ به … هَامَ اشتياقاً إلى لقيا معذِّبِهِ

يفديكَ بالنَّفْس صَبٌّ لو يكونُ له … أعزُّ من نَفْسِه شيءٌ فَدَاكَ بِهِ

ومن آثر المحبوب بنفسه، فهو له بماله أشدُّ إيثاراً.

ومنها: إدامة النظر إلى الحجرة الشريفة، قياساً على الكعبة المعُظَّمة شرَّفَها الله تعالى،/٤٨ فإن النظر إلى الكعبة عبادة، كما جاء في الحديث الذي رُوِّيناه من عند

النسائي: «ينْزل على هذا البيت في كل يوم وليلة عشرون ومائة رحمة، فَسِتُّون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين» (١).

فينبغي لساكن المدينة أن يديم النظر إلى الحجرة المُقدَّسة (٢) إذا كان في


(١) موضوع، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١١/ ١٢٤ - ١٢٥ رقم: ١١٢٤٨، وفي سنده خالد بن يزيد العمري وهو كذاب، ومحمد بن يزيد بن عبدالله: متروك، متهم بالكذب.
(٢) هذا مما لادليل عليه، بل من المغالاة بمكان.