للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم يأتي إلى الروضة المقدسة، وهي ما بين القبر والمنبر طولاً، ولم أر من يعرض له عرضاً، والذي عليه غلبة الظنون أنه من المحراب إلى الأسطوانة التي تجاهه.

وأنا لا أوافق على ذلك، وقد بينته في موضعه من هذا الكتاب، وذكرت أن الظاهر من لفظ الحديث يقتضي أن تكون أكثر من ذلك؛ لأن بيت النبي صلى الله عليه وسلم بجميع مرافق الدار، كان أكثر من هذا المقدار، والله أعلم.

وينبغي أن يتنبه الزائر لفائدة جليلة، وهو أن يقضي صلاة أيام في الروضة الكريمة، ولو صلاةَ شهر واحد، ينوي بذلك عما وقع فيه تفريط من ترك أو إخلال بها، فإن المأمول من فضل الله سبحانه وسعة رحمته أن يكون ذلك عوضاً عن أيام كثيرة، فإنه صح أن كل صلاة في مسجده تَعْدِلُ [ألف] صلاة، فيرجى من واسع رحمة الله تعالى أن الصلوات الخمس المقضيات فيه تعدل [ألف] صلاة يكون ذلك عوضاً عما أخلَّ به، والباقي يجازى بفضل الله ورحمته، ولا يجوز للعبد المؤمن أن يجعل ذلك وسيلة إلى التفريط في فريضة وحاملاً على التقصير في أداء صلاة، فإنه يعصي بذلك ولا يدري هل يُوفَّقُ لقضائه، أم لا؟.

ومنها: أن يغتنم ملازمة المسجد الشريف، ولا يفارقه إلا لضرورة متبينة/٦١ أو مصلحة متعينة، وكلما دخل المسجد يجدد نية الاعتكاف على مذهب الإمام المُطَّلبِي (١)، ومن يرى رأيه سواء كان من مُقلِّديه أم من مقلدي غيره من الأئمة، فإن ذلك جائز في القربات، ويجتهد ما أمكنه في تحصيل المغانم والخيرات، ويكثر النوافل والحسنات، وقرع أبواب السعادات بأظافير الإرادات، والعروج في مدارج العبادات، للولوج في سُرادق المرادات (٢):


(١) يعني الإمام أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ـ رحمه الله.
(٢) ورد في الأصل قبل هذه الأبيات بيتان مضطربان في الوزن، ومختلفان عن بقية الأبيات في الروي والمعنى ورسمهما كما يلي:
فما كُلُّ دارٍ رُوِّضَتْ دارُ الحِما

ولا كُلُّ بيضاء الترائب زينب

وما كُلُّ حين يَفِيض بنيل النيل

ولا كُلُّ وقتٍ يطلعُ فيه سُهيلُ

فربما يكونان استطراداً، أو تكون بينهما وبين الأبيات التالية عبارة سقطت من الناسخ.