للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ألا يستبقوا منهم حَالماً، ففعلوا ذلك، وقتلوهم، حتى انتهوا إلى ملكهم بتيماء، وكان يقال له الأرقم بن أبي الأرقم (١)، فقتلوه، وأصابوا له ابناً شاباً، وكان من أحسن الناس وجهاً، فضنوا بقتله، وقالوا: نستحييه حتى نَقْدَمَ به على موسى عليه السلام فيرى فيه رأيه، فأقبلوا وهو معهم، وَقَبَضَ الله تعالى نبيه موسى عليه أفضل الصلاة والسلام قَبْلَ قدومهم، فلما سَمِعَ بهم الناسُ تلقوهم، فسألوهم عن أمرهم، فأخبروهم بالفتح، وأنَّهم لم يَسْتَبْقُوا أحداً غير /٦٧ هذا الشاب؛ ليرى نبي الله فيه رأيه، فقالوا: إن هذه لمعصيةٌ منكم لما خالفتم من أمر نبيكم، لا والله لا تدخلون علينا بلادنا أبداً، فحالوا بينهم وبين الشام، فقال الجيش: ما بلدٌ إذ مُنِعتُم بلادَكُم خيراً من البلدِ الذي خرجتم منه. وكانت الحجازُ إذ ذاك شجراً أشجر بلاد الله وأطهره ماءً، فهو أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق، فتركحوا (٢) فيها حيث شاؤوا- أي: تفسحوا- وتبوؤوا، فكان جميعهم بزهرة، وكانت لهم الأموال بالسافلة (٣).

وزهرة: ثَبْرَةٌ بين الحَّرةِ والسَّافِلَةِ مما يلي القُف (٤)، والثَّبْرَةُ: الأرضُ السَّهلةُ، ونزل جمهورهم بِمكان يُقال له يثرب بِمَجْمعِ السُّيولِ: سيل بطحان (٥)، وسيل العقيق، وسيل قناة مما يلي زَغَابِة (٦).


(١) انظر: الطبري ١/ ٢٠٣، المفصل ١/ ٣٤٦.
(٢) رُكْحَة الدار: ساحتها؛ والتَّرَكُّحُ: التَّوَسُّعُ. القاموس (ركح) ص ٢٢٠.
(٣) رواه ابن زبالة، عن عروة بن الزبير. وفاء الوفا ١/ ١٥٩ - ١٦٠، ١٦١.
وذكره ابن النجار ص ٢٩ - ٣٠.
والسافلة: القسم الشمالي من أرض المدينة، سميت هكذا لأنها تنخفض تدريجياً. يأتي ذكرها في الباب الخامس.
(٤) اسم لوادٍ من أودية المدينة. سيأتي ذكره بالتفصيل في الباب الخامس.
(٥) بطحان والعقيق وقناة: أودية في المدينة. سيعرّف المؤلف بها في الباب الخامس.
(٦) موضع قريب من المدينة. يأتي ذكره في الباب الخامس.