للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أرْضُ الهِجْرَة: تَأْتي إِنْ شاء الله تعالى في دَارِ الهجرة.

أكَّالَةُ البُلدان: البلدانُ جَمْعُ بَلَدٍ، والبَلَدُ والبَلْدَةُ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ الأرْضِ مُسْتَحِيزَةٍ عامرَةً كانَتْ أَوْ غَيْرَ عَامِرَةٍ (١). وأصْلُ البلادةِ التأثِيرُ. والبَلَدُ: الأثَرُ. وسُمِّيَت المدينة بَلَدًا وبَلْدَة؛ لأنَّها مَوْضِعُ تأثير النَّاس. وَكِرْكِرَةُ البَعِيرِ بَلْدَةً؛ لأنَّها تُؤَثِّرُ في الأرْضِ، أَنْشَد سيبويه:

أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فوقَ بَلْدَةٍ … قَلِيلٍ بِها الأصْوات إلَّا بُغَامُها (٢)

قال أبو حاتم: البَلْدَةُ الصدر سميت المدينة بَلْدةً لأنَّها صَدْرُ القُرَى، كما يُقَالُ لأعلى المَجْلِسِ وأَرْفَعِهِ: صَدْرُ المَجْلِسِ. ومِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِكُلِّ مِصْرٍ: بَلْدَةً.

وَسُمِّيَتْ مَدِينةُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أكَّالَةَ البُلْدَان؛ لأنَّها افْتُتِحَت منها جَمِيعُ البُلْدَان التي شرَّفَها الله تعالى بالإسلامِ والإيمان.

رُوِّينا من عند البخاري وَمُسْلم ومَالِكِ بن أَنَس في المُوَطَّأ مِنْ حديث أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عَنْهُ - قال: قال رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى يَقُولُون يَثْرب وَهِيَ المدِينة، تَنْفي النَّاس كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ" (٣).

وقال صاحِبُ النِّهايَةِ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللّه تعالى يَنْصُرُ الإسلامَ والدِّين بأهل المدينة، وهم الأَنْصَار، ويَفْتَحُ على أَيْدِيهِم القُرى يعني البُلْدان، وَيُغْنِمُها إيَّاهم


(١) اللسان (بلد) ٣/ ٩٤.
(٢) البيت لذي الرُّمَّة، وهو في (ديوانه) ص ١٠٠٤، الصحاح (بلد) ٢/ ٤٤٩، اللسان (بلد) ٣/ ٩٥، والمقصود بالبلدة الأولى: الصدر، وبالثانية: الأرض.
(٣) أخرجه البخاري، في الحج، باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس، رقم: ١٨٧١، ٤/ ١٠٤، ومسلم، في الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم: ١٣٨٢، ٢/ ١٠٠٦، ومالك، في الجامع، باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها، رقم: ٥، ٢/ ٨٨٧.