للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَحْرَة، (١) على أن يُتوِّجُوهُ، يَعْني يُمَلِّكوه، فَيُعَصِّبُوهُ بالعِصابَةِ، فَلمَّا رَدَّ اللّه تعالى ذلك عنه بالحقِّ الذي أَعْطَاكَهُ شرِقَ (٢) لذلك، فَذَلِكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ، فَعفا عَنْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٣).

والبُحَيْرَةُ لَيْسَتْ بِتَصْغِيرِ بَحْرٍ، ولو كان تَصْغِيرَهُ لكان بُحَيْرٌ، ولكنَّهم أرادُوا بالتَّصغِيرِ حَقِيقَة الصِّغر، ثُمَّ أَلْحَقُوا بِهِ التَّأنيث على معنى أَنَّ المؤنَّثَ أَقَلُّ قَدْرًا مِنَ المُذَكَّرِ، وشَبَّهُوهُ بالمُتَّسَعِ مِنَ الأرْضِ.

وأَمَّا اشْتِقاقُ البَحْرِ، فقال الخَلِيلُ: سُمِّيَ البَحْرُ بَحْرًا لاسْتِبحَارِهِ، وَهُوَ سَعَتُهُ وُانْبِسَاطه.

ويُقَالُ: اسْتَبْحَرَ فلانٌ في العِلْمِ، وتَبَحَّرَ الرَّاعي في رِعْيٍ كثِيرٍ، وتَبحَّرَ في المالِ؛ كَثُرَ مالُهُ (٤). سُمِّيَتْ مَدِيَنةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالبَحْرَةِ وبُحَيْرَة، لكَوْنِها في مُتَّسَعٍ مِنَ الأرْضِ وَفُسْحَةٍ مِنَ الدِّيار، لا تَكْتَنِفُها الجبال والأطْوَاد، ولا تختنقها التِّلالُ والوِهَاد، بل واقعٌ في بَسيطٍ مِنَ الخُبوب كالكف ...... (٥) عَنْهُ مُنْدَفِعٌ مُتكَفٌّ (٦).


(١) كذا في الأصل، وإحدى روايات البخاري. انظر: فتح الباري ٨/ ٨٠.
وفي رواية البخاري رقم: ٤٥٦٦، ومسلم رقم: ١٧٩٨: البُحَيْرَة.
(٢) أي: غصَّ به، وهو مجاز، أي أنه لم يقدر على إساغته وابتلاعه فغصَّ به. اللسان (شرق) ١٠/ ١٧٧.
(٣) من حديث أسامة بن زيد، أخرجه البخاري، في التفسير، باب (ولتسمعن) من الذين أتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيرًا، رقم: ٤٥٦٦، ومسلم، في الجهاد والسير، باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره على أذى المنافقين، رقم: ١٧٩٨.
(٤) العين ٣/ ٢١٩، وليس فيه: كثر ماله.
(٥) أربع كلمات لم أستطع قراءتها.
(٦) زاد السمهودي في أسماء المدينة مما أوله حرف الباء: البلاط، البَلد، بيت الرسول. وفاء الوفا ١/ ١٢.