للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَذْهَبُ علي بن حمزة الأصْبِهاني اللغوي (١)، ويرى أَنَّهُ الصَّوَابُ وما سِوَاهُ خَطَأ (٢).

واسْتَدَلَّ على ذلك بِقوْلهِ سُبْحانَهُ وتعالى: {مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} (٣) فأكَدَ عَزَّ وَجَلَّ سُوءَ حالِهِ بصِفَةِ الفَقْرِ، لأن المَتْرَبَة الفَقْرُ، ولا يُؤكَّدُ الشَّيء إلا بِما هُوَ أَوْكَدُ مِنْه، واسْتَدَلَّ أَيضًا بقوله جَلَّ وعَلا {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (٤) فَأَثْبَتَ أَنَّ لَهُم سَفِينَةً يَعْمَلُونَ عليها في البَحْرِ، واستَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِ الرَّاجِزِ، أَنْشَدَ ابنُ الأعرابي:

هلْ لَكَ في أَجْرٍ عَظيمٍ تُؤجَرُه … تغِيثُ مِسْكينًا قَلِيلًا عَسْكَرُهُ

عَشْرُ شِياهٍ سَمْعُهُ وبَصَرُهُ … قَدْ حَدَّث النَّفْس بِمصر يَحضرُهُ (٥)

فأَثْبَتَ أَنَّ لَهُ عشر شياهٍ، وأراد بِقَوْلهِ: عَسْكَرُهُ: غَنَمهُ، وأنَّها قليلة.

واستدل أيضًا بقول الرّاعي، وزعَمَ أنّهُ أَعدَل شاهدٍ على صِحّة قوله، وهو قوله: أما الفقير … البيت. لأنه قالَ: أما الفقير الذي كانت حلوبته، ولم يقل: الذي حلوبته. وقال: فلم يترك له سَبَد، فأعلمك أنه كانت له حلوبة تَقُوتُ عيالَه، ومَنْ كانت هذه حاله فَلَيس بفقير ولكن مسكين، ثم أَعْلمك أنها أُخِذَت منه، فصار إذ ذاك فقيرًا.

يعني ابن حمزة بهذا القول أنَّ الشاعر لم يُثْبِت أنَّ للفقير حلوبة لأنه قالَ: الذي كانت حلوبتُهُ، ولم يقل: الذي حلوبتُه، وهذا كما تقول: أمّا الفقير الذي


(١) هو علي بن حمزة البصري اللغوي، عالم لغوي أديب، من أهم مصنفاته التنبيهات على أغاليط الرواة. مات سنة ٣٧٥ هـ بصقلية. معجم الأدباء ٤/ ١٧٥٤.
(٢) التنبيهات ص ٣١٧.
(٣) سورة (البلد) آية ١٦.
(٤) سورة (الكهف) آية: ٧٩.
(٥) الأبيات في اللسان (سكن) ١٣/ ٢١٥.