للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووافق قول الأصمعي وابن حمزة في هذا قول الإمام المطلبي أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه (١).

وقالَ قتادة: الفقير الذي به زمانة، والمسكين الصحيح المحتاج (٢).

وقال زيادة الله بن أحمد: الفقير القاعد في بيته لا يسأل، والمسكين الذي يسأل. فمن هاهنا ذهب من ذهب إلى أن المسكين أصلح حالًا من الفقير، لأنه يسأل فيعطى، والفقير لا يسأل ولا يشعر به فيعطى، للزومه بيته، أو لامتناع سؤاله فهو يتقنع بأيسر شيء، كالذي يتقوت في يومه بالتمرة والتمرتين ونحو ذلك، ولا يسأل محافظة على ماء وجهه، فحاله إذًا أشد من حال المسكين الذي لا يعدم من يعطيه، ويشهد لصحة ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، إنما المسكين الذي لا يسأل، ولا يفطن له فيعطى" (٣). فَأَعْلَمَ - صلى الله عليه وسلم - أن الذي لا يسأل أسوأ حالًا من السائل، وإذا ثبت أن الفقير هو الذي لا يسأل، وأن المسكين هو السائل، فالمسكين إذًا أصلح حالًا من الفقير وأشد فاقة وضرًا منه، إلا أن الفقير أشرفُ نفسًا من المسكين بعدم الخضوع الذي في المسكين؛ لأن المسكين قد جمع فقرًا ومسكنة، فحاله في هذا أسوأ من حال الفقير، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المسكين … " الحديث فأبان أن لفظة المسكين في استعمال الناس أشد قبحًا


= رد ابن السيد على علي بن حمزة وتفنيده لأدلته في الاقتضاب شرح أدب الكتاب ٢/ ٢٢.
(١) اللسان (سكن) ١٣/ ٢١٥، التنبيهات ص ٣١٩.
(٢) اللسان (سكن) ١٣/ ٢١٥.
(٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري، في الزكاة، باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} رقم: ٦٧٤١، ومسلم في الزكاة، باب النهي عن المسألة، رقم: ١٠٣٩، ٢/ ٩١٧، وأبو داود، في الزكاة، باب من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، رقم: ٨٢٦١.