للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القناع، وتفهم لما يطرق من الحكم الإلهية منك الأسماع.

أما الأولى: فقد ثبت بنص التنْزِيل استحباب المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى المبرَّات والطاعات، قال تعالى: {أولَئِكَ يُسَارِعُونَ في الخَيْرَاتِ} (١) وقال عز وجل: {وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرَضُ} (٢). وثبت بصريح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحيح حديث من لاينطق عن الهوى؛ استحباب السكينة والوقار و الندب الى الحكم والتأني والاصطبار، كما تقدم من الحديث المتفق على صحته: «إذا أتى أحدكم إلى الصلاة فليأتها وعليه السكينة والوقار» (٣).

وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه لما دبَّ وهو راكع حتى دخل الصف: «زادَكَ اللهُ حِرْصاً، ولا تَعُدْ» (٤) فإذا تبين ذلك تعين بيان وجه الجمع بين الكتاب والسنة بما يزيح التعارض ويزيل التضادد والتناقض، فنقول: المراد بالمسارعة المشروعة، وهي التأهب المعتاد قبل دخول وقتها، فيأتيها بسكينة ووقار، فيكون قد جمع بين المسارعة والسكينة، وأنما أمر العبد بالمسارعة إلى الخيرات لتصرفه في المباحات ليس غير (٥). فمن كانت حالته أن لايتصرف في مباح، فهو في خير وعبادة على كل حال، ونحن أمرنا بالمسارعة إلى الجنات وبالمسارعة في الخيراتِ، والمغفرةُ لاتصح إلا بعد حصول فعل الخير الموجب


(١) سورة (المؤمنون) آية رقم: ٦١.
(٢) سورة (آل عمران) آية رقم: ١٣٣.
(٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولاتسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا». أخرجه البخاري، في الصلاة، باب لايسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار، رقم:٦٣٦، ٢/ ١٣٨. ومسلم، في المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، رقم: ٦٠٢،١/ ٤٢٠.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان، باب إذا ركع دون الصف، رقم: ٧٨٣،٢/ ٣١٢.
(٥) رسمت في الأصل: (غيرته) وعليها حرف (ط) صغير.