للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لها، فنحن نسارع في الخيرات إلى المغفرة، فكأن المسارَعُ فيه عينُ المسارَعِ إليه، فالعبدُ إذا كان تصرفه في غير المباح فلابد أن يكون في مندوب أو واجب، فإن كان في مندوب واستشعر بحصول وقت واجب سارع إليه في مندوبه بإقامة /١٩٦ أسبابه التي لايصح ذلك الواجب إلا بها.

ومعنى المسارعة هي المبادرة إلى الأفعال، التي هي شرط في صحة ذلك الواجب، فمن رأى الجماعة واجبة، وقال بإتمام الصفوف ووجوبه، فهو في خير، فإذا سمع الإقامة وتوجه إلى الصلاة فقد أمره الشارع أن يأتي إليها وعليه وقار وسكينة. وسبب ذلك أن الحق لايتقيد بالأحوال، وأن الآتي إلى الصلاة في صلاة مادام يأتي إليها أو ينتظرها. ونفس الإسراع المشروع قد حصل.

وأما الإسراع بالحركة فإنه يقتضي سوء الأدب و تقييد الحق، ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة رضي الله عنه: «ولاتعد»، أي لاتعد إلى إسراع الحركة، وقال: «زادك الله حرصا»، ولم يقل إسراعاً، فإن الحرص أوجب له الإسراع، فنبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الحرص على الخير هو المطلوب، وهو الإسراع المطلوب لله تعالى من العبد، لاحركة الأقدام، فإن ذلك يؤذن تحديد الله تعالى، والله عز وجل مع العبد حيث كان، وقد وقع لك التفريط أولاً بتأخرك، فهنالك كان ينبغي الإسراع بالتأهب. كما حُكِيَ عن بعضهم أنه ما دخل عليه منذ أربعين سنة وقت صلاة إلا وهو في المسجد، وعن جماعة من الأخيار مثل ذلك كثير.

وقوله: «بوقار»، يشير ألى أنه ينبغي للعبد أن يقابل الله في نفسه بما يستحقه من الجلال و الهيبة، فإن هذه الأحوال تؤثر في الجوارح، فينبغي أن تقع حركة العبد مع الله تعالى كما أمره الله عز وجل بخضوع وخنوع، وهو السكينة المطلوبة، كما قال: «لوخشع قلبه لخشعت جوارحه» (١) يعني لسرى ذلك في


(١) ذكره السيوطي في الجامع الصغير من رواية الحكيم عن أبي هريرة. قال المناوي في فيض القدير: رواه الحكيم في النوادر، قال الزين العراقي: وفيه سليمان بن عمرو متفق على ضعفه.
… قال الألباني في إرواء الغليل ٢/ ٩٢ - ٩٣: لايصح مرفوعاً ولاموقوفاً والمرفوع أشد ضعفاً، بل هو موضوع. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/ ٢٢٧.