للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جوارحه، فإن السرعة بالأقدام لاتكون إلا ممن همته متعلقة بالجهة التي يسارع إليها من أجل الله لا بالله.

وينبغي للعبد أن تكون همته متعلقة بالله، فيكون المشهود له الحق تعالى، ومن كان بهذه المثابة كان شأنه السكون والهيبة والوقار، فلايسمع إلا همساً، قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إلا هَمْسَاً} (١).

ولما كان الشارع مراعياً لوارد الوقت، ووارد وقت الآتي إلى الصلاة مشاهدة المقصود بها، فشرع له السكينة والوقار، والإتيان دون سرعة الأقدام … (٢) لحرمة الوقت واستيفاءً لحقه، فاعلم ذلك إن شاء الله تعالى.

وأما قولك: إن الصف المقطوع ليس كالصف المتصل.

فنقول: إذا عرفت معنى الأمر باتصال الصفوف، والتراص فيها، وفهمت السر في ذلك، أزال شبهتك إن شاء الله تعالى، /١٩٧ فاعلم أن التراص في الصف هو [أن] لا يكون بين الإنسان وبين الذي يليه خلل من أول الصف إلى آخره، وسبب ذلك أن الشياطين تسد ذلك الخلل بأنفسها، والمصلون في محل القربة من الله تعالى، فينبغي أن يكونوا في القرب بعضهم من بعض، بحيث أن لايبقى بينهم خلل يؤدي إلى بعد كل واحد من صاحبه، فتكون المعاملة فيما بينهم من أجل الخلل، مقتض مادعوا إليه من صفة القربة، فتخلل تلك الخلل والفرج البعداء من الله لمناسبة البعد الذي بين الرجلين في الصف، فينقصهم من


(١) سورة (طه) آية رقم: ١٠٨.
(٢) كلمة غير واضحة في الأصل.