للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رحمة القرب الذي للمصلي بقدر الخلل، وبمرتبة ذلك الشيطان من البعد عن الله تعالى، فإذا لزقت المناكب بعضاً ببعض، انسد الخلل ولم تجد صفة البعد عن الله تعالى محلا تقوم به، لأن الشيطان الذي هو محل البعد عن الله تعالى ليس هناك، وإنما تقصد الشياطين خلل الصف، وتدخل فيه، لما ترى من شمول الرحمة التي يعطي الله تعالى المصلي فتزاحمهم في تلك الفرج لينالهم من تلك الرحمة شيء بحكم المجاورة من غير منة، لمعرفتهم بأنهم البعداء عند الله تعالى، وماهم هؤلاء الشياطين الذين يوسوسون في الصلاة، فإن أولئك محلهم القلوب، فهم على أبواب القلوب مع الملائكة تلقي إلى النفس وتنكث في القلب مايشغله عمَّا دعي إليه، ومن جملة مايلقى إليه أن لايسد الخلل في الصف بينه وبين صاحبه لوجهين:

الأول: ليتصف بالمخالفة فيؤديه إلى البعد عن الله تعالى، فإن الشيطان إنما كان سبب بعده عن الله عز وجل المخالفة لأمر الله عز وجل.

الوجه الثاني: ليخلوا ذلك الخلل، فيصير محلاً لأصحابهم من الشياطين فيتخللوه، فتصيبهم رحمة المصلين، وإذا اتضح ذلك أن تَمَكُّن الشياطين من التخلل في الصفوف، إنما يكون بسبب تقصير المصلين واختيارهم البعد بعضهم عن بعض، تعيَّن أن لايكون لهم مدخل في انقطاع لا يكون بسبب تقصيرهم، بل لحائل وبنيان، أو عدم إمكان من ضيق مكان ونحو ذلك، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

ولقد أحسن القائل:

وكم من مُصَلٍّ مَا لَهُ من صلاتِهِ … سوى رؤية المحراب والكدِّ والعَنَا

(١) بالمناجات دائما … وإن كان قد صلى الفريضة وابتدا


(١) كلمتان غير واضحتين في الأصل.