وعن سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى، قال: هلم إلى العشاء. قلت: لا أريده، قال: مالي رأيتك عند القبر. قلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلت المسجد فسلم ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا قبري عيداً ولا تتخذوا بيوتكم مقابر وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء» (١).
وبالرغم من ذلك فإن قدر الله نافذ، وقد وقع متأخرو الأمة فيما خاف عليهم نبيهم صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، فبالغوا في إطرائه صلى الله عليه وسلم حتى نسبوا إليه ما هو من خصائص الإلهية بل ما هو من صفات الربوبية، وشابهوا النصارى فيما نسبوه للمسيح، فورد في بعض الصلوات المخترعة (الصلاة على محمد عين الذات) ونسبوا إليه إنه قال: أنا أحمد بدون ميم، وكثر ذلك لا سيما في أشعار المدائح واعتادوا طلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم ودعاءه والاستغاثة به عند الملمات، واستندوا في ذلك إلى حكايات ومنامات بل واعتقدوا مثل هذه الاعتقادات فيمن هو دون رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصالحين أو ممن يظنونهم صالحين، فنسبوا لهم علم الغيب والتصرف في الكون وأن أرواح المشايخ حاضرة تعلم.
قال الشيخ صنع الله الحنفي رحمه الله: «قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدعون أن للأولياء تصرفاً في حياتهم وبعد مماتهم، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات وهممهم تكشف الملمات فيأتون قبورهم وينادون في قضاء الحاجات، وجوزا لهم الذبائح والنذور.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٣٧٥ و ٣/ ٣٤٥ وعنه أبو يعلى في مسنده، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:٣٠، ورواه الضياء المقدسي في المختارة ١/ ١٥٤.