عن عقبة بن عامر، قال: كنا نتناوب رعية الإبل، فتوضأت ثم جئت إلى رسول الله ﷺ وإذا أصحابه حوله فدنوت منه فسمعته يقول:«مَنْ توضأ ثم دخل المسجد فصلَّى ركعتين غفر الله له ما تقدم من ذنبه»، فقلت: بخ بخ، فذكر الحديث. قال: فلطمني شعبة فتنحيت في ناحية أبكي، فقال: ما له يبكي؟ فقال له ابن إدريس: إنك أسأت إليه. فقال شعبة: انظر ما يحدِّث عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، أنا قلت لأبي إسحاق: من حدَّثك بهذا الحديث؟ فقال: حدثني عبد الله بن عطاء عن عقبة. فقلت: سمع عبد الله بن عطاء عن عقبة؟! ومسعر حاضر، فقال مسعر: عبد الله بن عطاء بمكة، فرحلت إليه بمكة ولم أرد الحج، أردت الحديث، فسألت عبد الله بن عطاء عن الحديث، فقال: سعد بن إبراهيم حدثني. فقال مالك بن أنس: سعد بالمدينة لم يحج العام. فرحلت إلى المدينة فسألت عنه سعداً فقال: الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني. فقلت: أيّ شيء هذا الحديث بينا هو كوفي إذ صار مكياً، إذ صار مدنياً، إذ صار بصرياً، فأتيت البصرة فسألت زياد بن مخراق فقال: ليس الحديث من بابتك. فقلت: لا بد من أن تخبرني به. فقال: حدثني شهر بن حوشب، عن أبي ريحانة، عن عقبة بن عامر. فلمّا ذكر شهراً قلت: دمر على هذا الحديث. قال نصر بن حماد: قال شعبة: والله لو صحَّ لي هذا الحديث عن رسول الله ﷺ كان أحب إليّ من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين.
وذلك لأن شهر بن حوشب فيه كلام فهو كثير الأوهام والإرسال.
[عبادته وزهده وورعه وسخاؤه]
قال أبو قطن: ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه نسي ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي.
قال عفان: كان شعبة من العبّاد.
وقال أبو بحر البكراوي: ما رأيت أحداً أعبد لله من شعبة، لقد عبد الله حتى جفَّ جلده على عظمه واسودّ.