وقال: الورع طلب العلم الذي يعرف به الورع، وهو عند قوم طول الصمت وقلة الكلام وما هو كذلك، إنَّ المتكلم العالم أفضل عندنا وأورع من الجاهل الصامت.
وقال يحيى بن عثمان: أتى رجل خراساني سفيان بن عيينة في مجلسه فرمى إليه بدرهمين فقال: حدِّثني بهما. فهمَّ به أصحاب الحديث، فقال: دعوه. ثم نكص وبكى ثم قال:
اعمل بِقولي وإن قصرت في عملي ينفعك قولي ولا يضرّك تقصيري
وذكر ابن خلكان أنَّ سفيان بن عيينة لما بلغه خبر جعفر وقتله وما نزل بالبرامكة حول وجهه إلى القِبلة وقال: اللهم إنه كان قد كفاني مؤنة الدنيا فاكفِه مؤنة الآخرة.
[تدليسه]
قال ابن حبان في مقدمة صحيحه: وأمّا المدلِّسون الذين هم ثقات وعدول فإنّا لا نحتجّ بأخبارهم إلا ما بيَّنوا السماع فيما رووا مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقنين وأهل الورع في الدين لأنه متى قبلنا خبر مدلس لم يبيّن السماع فيه وإن كان ثقة لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها لأنه لا يدرى لعل هذا المدلس دلس هذا الخبر عن صغير يهي الخبر بذكره إذا عُرف اللهم إلا أن يكون المدلس يُعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة فإن كان كذلك قُبلت روايته وإن لم يبيّن السماع. وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بيّن سماعه عن ثقة مثل نفسه والحكم