والآخر: في ترك ذكر سجدتَيْ السهو فيه، وكان الزهري لا يحفظهما في حديثهم، وكان قد بلغه ذلك من وجه آخر (١).
روى عنه معمر هذا الحديث ثم قال في آخره: قال الزهري ثم سجد سجدتين بعدما فرغ. اه.
قلت: وقد دفع بعض أهل العلم هذا الوهم عن الزهري فقالوا جواباً للعلة الأولى: إنها كانت واقعتين، صاحب الوقعة الأولى (ذو الشمالين) وكانت قبل بدر وأرسل حديثها أبو هريرة. والثانية:(ذو اليدين) وكانت بعد بدر وشهدها أبو هريرة.
قال في الفتح (٣/ ٩٧): وقد جوّز بعض الأئمة أن القصة وقعت لكل من ذي الشمالين، وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل إحداهما وهي قصة ذي الشمالين، وشاهد الأخرى وهي قصة ذي اليدين، وهذا محتمل من طريق الجمع.
أما العلة الثانية: فجوابها أن الزهري قال في بعض روايات الحديث: (إن أحداً من شيوخه، أي: ابن المسيب وأبا سلمة وعبيد الله بن عبد الله) أن رسول الله ﷺ سجد سجدتين وهو جالس في تلك الصلاة) فهذا هو كلام الزهري فأدرجه بعضهم في الحديث وهماً منه أنه من كلام أبي هريرة فالحمل فيه على مَنْ هو دون الزهري.
قال ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ١٢٤): باب ذكر خبر روي في قصة ذي اليدين أدرج لفظه الزهري في متن الحديث، فتوهم مَنْ لم
(١) قلت: وهذا الاحتمال ضعيف لأنه في حديث الباب وغيره جمعهما حيث قال أول الحديث: فقال له ذو الشمالين: أقصرت الصلاة؟ وقول النبي ﷺ: «أصدق ذو اليدين؟».