للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»). اه.

قلت: ولا يخفى ما بين اللفظين من اختلاف في المعنى، فأما ما رواه شعبة فحصر النواقض بما ذكره وهو غير صحيح إلا إذا قيل ذلك لمن كان في الصلاة، وأما ما رواه الجماعة فيفيد أنَّ مَنْ تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فيبقى على الأصل وهو الطهارة.

وقد روى محمد بن أبي حفصة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعباد بن شميم عن عمِّه أنَّ رسول الله قال: «لا وضوء إلا فيما وجدت من الريح أو سمعت من الصوت» (١)، فوقع له من الوهم هنا كما وقع لشعبة.

فالحديث في الصحيحين وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعباد بن شميم عن عمِّه: أنه شكا إلى رسول الله الرجل يجد الشيء في الصلاة، فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (٢).

قال الحافظ في «الفتح» (٤/ ٢٩٦): اختصر ابن أبي حفصة هذا المتن اختصاراً مجحفاً فإنَّ لفظه يعمّ ما إذا وقع الشك داخل الصلاة وخارجها، ورواية غيره من أثبات أصحاب الزهري تقتضي تخصيص ذلك بمن كان داخل الصلاة، ووجهه أنَّ خروج الريح من المصلِّي هو الذي يقع له غالباً بخلاف غيره من النواقض فإنه لا يهجم عليه إلا نادراً، وليس المراد حصر نقض الوضوء بوجود الريح، وخالفهما ابن التركماني فقال في «الجوهر النقي»: وفي كلام البيهقي نظر إذ لو كان الحديث الأول مختصراً من الثاني


(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣٩)، وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (٢٠٥٦).
(٢) البخاري (١٣٧، ١٧٧، ٢٠٥٦)، ومسلم (٣٦١)، والشافعي (١/ ٣٦)، والحميدي (٤١٣)، وأحمد (٤/ ٤٠)، وأبو داود (١٧٥)، والنسائي (١/ ٩٨)، وابن ماجه (٥١٣)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>