للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن حزم: فهذا ابن عباس يذكر أنه صلّى الظهر في ذي الحليفة وأنس يذكر أنه صلّاها في المدينة، وكلا الطريقين في غاية الصحة.

وكنا توهمنا أنَّ أحد القولين وهم أو من بعض الرواة فأعملنا النظر في ذلك فتأملنا الروايتين ونظرنا فيهما فوجدنا أنساً أثبت في هذا المكان لأنه ذكر أنه حضر ذلك بقوله: صلّينا مع رسول الله الظهر بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة العصر ركعتين.

فهو أثبت لوجهين:

أحدهما: ذكره الحضور لذلك ولم يذكر ابن عباس حضوراً، والحاضر أثبت بلا شك.

الوجه الثاني: إخبار أنس أنه صلَّى الظهر أربعاً في ذلك اليوم وهذه صفة صلاة الحضر بلا شك، ولو صلّاها بذي الحليفة لصلّاها ركعتين، وإنما دخل الوهم من رواية ابن عباس لصغره ولأنه كان حينئذ ابن ثلاث عشرة سنة أو أقل بشهور (١).

ثم حاول الجمع بين الحديثين فإنَّ حديث أنس كان يوم الخميس يوم خروجه من المدينة وحديث ابن عباس كان يوم الجمعة إذ إنه بات في ذي الحليفة.

واستدل الإمام الشافعي بحديث أنس هذا أنَّ الرجل لا يقصر الصلاة بمجرد نية السفر دون العمل لأن النبي صلّى بالمدينة أربعاً ثم قصر في ذي الحليفة (٢).


(١) حجة الوداع ص ٢٥١ - ٢٥٢.
(٢) الأم (١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>