في الإيضاح: السنّة أن يدخل مكة من ثنية كدا بفتح الكاف والمد وهي بأعلى مكة ينحدر منها إلى المقابر، وإذا خرج راجعاً إلى بلده خرج من ثنية كدى بالضم والقصر والتنوين وهي بأسفل مكة بقرب جبل قعيقعان وإلى صوب ذي طوى.
وقال ياقوت:(قال أبو محمد ابن حزم الأندلسي: كداء الممدودة بأعلى مكة، عند المحصب دار النبي ﷺ من ذي طوى إليها.
وكُدى بضم الكاف وتنوين الدال بأسفل مكة عند ذي طوى بقرب شعب الشافعيين ومنها دار النبي ﷺ إلى المحصب، فكأنه ضرب دائرة في دخوله وخروجه، بات بذي طوى ثم نهض إلى أعلى مكة فدخل منها وفي خروجه خرج من أسفل مكة ثم رجع إلى المحصب.
وذكر الحافظ وجوهاً أخرى في الحكمة من دخوله من أعلى مكة وخروجه من أسفله فقال ﵀ في الفتح (٣/ ٤٣٨): واختلفوا في المعنى الذي لأجله خالف ﷺ بين طريقيه فقيل: ليتبرك به كل مَنْ في طريقه … ، وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل: لأنه ﷺ خرج منها مختفياً في الهجرة فأراد أن يدخلها ظاهراً عالياً، وقيل: لأن مَنْ جاء من تلك الجهة كان مستقبلاً للبيت.
ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس: لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت: ما هذا؟ قال: شيء طلع في قلبي وإن الله لا يطلع الخيل هناك أبداً، قال العباس: فذكّرت أبا