وقد اختلف الفقهاء في معنى هذا الحديث إلى قولين (١):
القول الأول: أنه على سبيل الندب إلى بر الجار والتجاوز والإحسان وليس ذلك على الوجوب وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أشهر قوليه فإن امتنع لم يجبر.
وهو كمثل قوله تعالى: ﴿ .. وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا … (٣٣)﴾ [النور: ٣٣] وهذا بإجماع أهل العلم على الندب لا على الوجوب.
وكقوله ﷺ:«إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد» فهو أيضاً عند أهل العلم جميعاً على الحض والندب لا على الإيجاب.
القول الثاني: أنه على سبيل الوجوب، وبهذا قال أحمد وإسحاق وأهل الحديث، وابن حبيب من المالكية، وهو قول الشافعي في القديم.
(١) انظر: شرح مشكل الآثار للطحاوي (٦/ ٢٠٦) والتمهيد لابن عبد البر (١٠/ ٢٢٢) وفتح الباري (٥/ ١١٠).