للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغفور، فقلت: ما فعل بشر بن الحارث؟ فقال: بخ بخ، ومن مثل بشر!! (١) تركته بين يدي الجليل -سبحانه- وهو مقبل عليه، وهو يقول: كل يا من لم يأكل، واشرب يا من لم يشرب، وانعم يا من لم ينعم.

الثامنة: قال بعضهم: رأيت معروفًا الكرخي في النوم، كأنه تحت العرش، والجليل يقول لملائكته: من هذا؟ قالوا: أنت أعلم يا رب، قال: هذا معروف الكرخي؛ سكر من حبي، فلم يفق إلا بلقائي.

التاسعة: قال الربيع بن سليمان (٢): رأيت الشافعي في النوم بعد وفاته فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر عليّ اللؤلؤ الرطب.

شاردة: قال ذو النون المصري: بينا أنا في بعض البراري إذا بشاب (كما خط) (٣) عارضاه، فلما رآني ارتعد واصفرّ لونه، وولى هاربا، فقلت له: إنسي أم جني؟ قال: إنسي مثلك، فقلت: لم تهرب؟!! فقال: وهل الهرب إلا من مثلك؟ قال: فلحقته، وأقسمت عليه أن يقف لي، فوقف، فقلت له: أراك في هذه البرية وحدك، ما معك أنيس، أما تفزع؟ فقال: بلى؛ إن معي أنيسًا، فقلت: أين هو؟ فقال: عن يميني وشمالي وأمامي وخلفي، فقلت له: ما معك زاد؟ قال: بلى، فقلت: لا بد لك من شيء تستعين به على قيام الليل وصيام النهار، وخدمة العليم العلام، وأكثرت عليه، فولى وهو يقول:

ولي اللَّه لا تؤويه دار … ويكره أن يكون له عقار

يفر من القفار إلى جبال … فتبكي حين تفقده القفار


= الكبير [٢/ ٣٢٠]، الجرح والتعديل [٦/ ٢٠٤]، ميزان الاعتدال [٢/ ٦٠٩]، سير الأعلام [٩/ ٥٦٣]، الثقات [٨/ ٤١٢]، البداية والنهاية [١/ ٢٦٥، ٣٢٦].
(١) بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء أبو نصر المروزي ثم البغدادي الزاهد الكبير المعروف ببشر الحافي، وهو ابن عم علي بن خشرم المحدث، سمع إبراهيم بن سعد وحماد بن زيد وأبا الأحوص وشريكًا ومالكًا والفضيل بن عياش، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وخالد بن عبد اللَّه الطحان والمعافي بن عمران وعبد اللَّه بن المبارك وغيرهم، وعنه: أحمد الدورقي ومحمد بن يوسف الجوهري، ومحمد بن المثنى السمسار وسري السقطي وعمر بن موسى الجلاد وإبراهيم ابن هانئ وخلق غيرهم. تاريخ الإسلام، وفيات [١٢١ - ٢٣٠].
(٢) الربيع بن سليمان الجيزي أبو محمد الأزدي مولاهم الأعرج، سمع ابن وهب والشافعي وإسحاق بن بكر وعبد اللَّه بن يوسف، وعنه: أبو داود والنسائي وأبو بكر بن أبي داود وأبو جعفر الطحاوي وجماعة، وكان حسن الحديث صدوقًا، توفي سنة [٢٥٦]. تاريخ الإسلام، وفيات [٢٥١ - ٢٦٠].
(٣) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>