للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حورية تبسمت في وجه زوجها، فظهر من تبسمها هذا النور، فليس يا إخوتي يلام من اجتهد في طلب الحور الحسان، فكيف لمن طلب المولى الرحمن؟!! ثم أنشأ يقول:

ما ضر من كانت الفردوس (١) منزله … ماذا تحمل من بؤس وإقتار

تراه يمشي نحيلًا خائفًا وجلا … إلى المساجد يسعى بين أطماري

سادسة: قال بعض الصالحين: رأيت سفيان الثوري بعد موته في المنام، فقلت له: كيف حالك يا سفيان؟ فأنشأ يقول:

نظرت إلى ربي عيانا فقال لي … هنيئًا رضاي عنك يا ابن سعيد

لقد كنت قوَّمًا إذا أظلم الدجى … بعبرة مشتاق وقلب عميد

فدونك فاختر أي قصر تريده … وزدني فإني عنك غير بعيد

سابعة: عن بعض أصحاب الإمام أحمد قال: لما مات أحمد رأيته في المنام وهو يمشي ويتبختر في مشيته، فقلت له: يا أخي، أي مشية هذه؟ قال: مشية الخدام في دار السلام، قلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي وألبسني نعلين من ذهب، وقال لي: هذا جزاؤ قولك القرآن كلام اللَّه مُنزَّل غير مخلوق (٢)، وقال: يا أحمد قم حيث شئت، فدخلت الجنة، فإذا بسفيان الثوري له جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة، وهو يقرأ هذه الآية: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ (٣) الآية، فقلت: له: إيش خبر عبد الرزاق (٤)؟ قال: تركته في بحر من النور، يراد به الملك


(١) قال مجاهد: الفردوس هو البستان بالرومة، وقال كعب والسدي والضحاك. هو البستان الذي فيه شجر الأعناب، وقال أبو أمامة: الفردوس سرة الجنة، وقال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وفي الصحيحين: "إذا سألتم اللَّه الجنة فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة". تفسير ابن كثير [٣/ ١١١].
(٢) ما زال المسلمون على قانون السلف من أن القرآن كلام اللَّه -تعالى- ووحيه وتنزيله غير مخلوق حتى نبتت المعتزلة والجهمية فقالوا بخلق القرآن، متسترين بذلك في دولة الرشيد، ثم إن المأمون نظر في الكلام وباعث المعتزلة، وبقى يقدم رجلًا ويؤخر أخرى في دعاء الناس إلى القول بخلق القرآن إلى أن قوي عزمه على ذلك في السنة التي مات فيها، ثم كان ما كان من أمر الإمام أحمد ابن حنبل من صموده ضد من قال ذلك إلى أن رفع اللَّه هذه المحنة في عهد المتوكل.
(٣) سورة الزمر [٧٤].
(٤) عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميدي مولاهم الصنعاني الإمام اليماني، ثقة، حافظ، مصنف شهير، عمي في آخره فتغير، وكان يتشيع، توفي سنة [٢١١] وله [٨٥] سنة. ترجمته: تهذيب التهذيب [٦/ ٣١٠]، تقريب التهذيب [١/ ٥٠٥]، الكاشف [٢/ ١٩٤]، تاريخ البخاري =

<<  <  ج: ص:  >  >>