للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فوقفا على رسول اللَّه فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا. فلما فرغ رسول اللَّه قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى اللَّه فآواه اللَّه، وأما الآخر فاستحيى فاستحيى اللَّه منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض اللَّه عنه" (١).

وفي مسلم من حديث أبي سعيد أن رسول اللَّه خرج على حلقة من أصحابه فقال: "ما أجلسكم؟ " قالوا: جلسنا نذكر اللَّه ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ علبنا، قال: "آللَّه ما أجلسكم إلا ذاك؟ " قالوا: واللَّه ما أجلسنا إلا ذاك، قال: "أما إني لم أستحلفكم تُهمَة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن اللَّه ﷿ يباهي بكم الملائكة" (٢).

قيل ليظهر لهم معنى قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)(٣) ردا منه لقولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ (٤) وللَّه درُّ من ينشد محبيه (٥).


= فيذاكرهم العلم والخير، وفيه جواز حلق العلم والذكر في المسجد، واستحباب دخولها ومجالسة أهلها، وكراهة الانصراف عنها من غير عذر، واستحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا، ويتأدب بأدبه وأن قاصد الحلقة إن رأى فرجة دخل فيها وإلا جلس وراءهم.
(١) أخرجه البخاري (٦٦) كتاب العلم، [٩] باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومسلم في صحيحه [٢٦ - (٢١٧٦)] كتاب السلام، [١٠] باب من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها وإلا وراءهم، والترمذي في سننه (٢٧٢٤) كتاب الاستئذان، باب [٢٩] الباب الذي يلي ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئا، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٣٢)، والزبيدي في الإتحاف (٦/ ٢٨٣)، والطبراني في المعجم الكبير (٣/ ٢٨٣)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٣٠٣)، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار (٣/ ٢٠٤) وابن عبد البر في التمهيد (١/ ٣١٥)، وابن كثير في البداية والنهاية (٦/ ١٣٢).
(٢) قوله : "إن اللَّه ﷿ يباهي بكم الملائكة" معناه يُظهر فضلكم لهم ويريهم حسن عملكم ويثنيعليكم عندهم، وأصل البهاء الحسن والجمال، وفلان يباهي بماله أي يفخر ويتجمل بهم على غيرهم، ويظهر حسنهم.
(٣) و (٤) سورة البقرة: ٣٠.
(٥) الحديث المتقدم أخرجه مسلم في صحيحه [٤٠ - (٢٧٠١)] كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، [١١] باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، والترمذي في سننه (٣٣٧٩) كتاب الدعوات، باب ما جاء في القوم يجلسون فيذكرون اللَّه ﷿ ما لهم من الفضل، والنسائي (٨/ ٢٤٩) في القضاة، باب كيف يستحلف الحاكم، وأحمد في مسنده (٤/ ٩٢)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٠/ ٣٠٦)، والطبراني في المعجم الكبير (١٩/ ١٤٢، ٣١١)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ١٥١)، وفي الحبائك في الملائك (١٣٩)، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار (٤/ ٣٥٢)، والهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>