للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: وما هذا عند ما رأيت من كرامة اللَّه تعالى لأوليائه.

قلت: فمريني بأمر أتقرب به إليه. قالت: عليك بكثرة ذكره فإنه يوشك أن تعطي ذلك في قبرك.

الخامسة: عن الشيخ أي العباس بن مسروق (١) قال: كنت بالبصرة، فرأيت صيادا يصطاد السمك على بعض السواحل. وإذا بجنبه ابنة له صغيرة، فكلما اصطاد سمكة رمتها الصبية في الماء، فالتفت الرجل، فلم ير شيئا. فقال لابنته أي شيء عملت بالسمك؟ فقالت: يا أبت أليس سمعتك تروي عن رسول اللَّه أنه لا تقع سمكة في شبكة إلا إذا غفلت عن ذكر اللَّه، فبكى الرجل ورمى بالسنارة.

السادسة: عن بعضهم قالت: رأيت مسكينة الطفاوية بعد موتها في المنام، وكانت تحب مجالس الذكر. فقلت: مرحبا يا مسكينة. فقالت: هيهات، ذهبت المسكنة (٢)، وجاء الغنى. قلت: هنيئا لك. قالت: وما تسأل عمن أبيحت له الجنة بحذافيرها. قلت بماذا؟ قالت بمجالس الذكر.

السابعة: قال بعضهم خرجت إلى السوق ومعي جارية في مكان (. . . . .) (٣) وقلت لها: لا تبرحي منه حتى أعود إليك.

فذهبت ثم عدت إلى المكان، فلم أجدها فيه، فذهبت إلى منزلي وأنا شديد الغضب عليها. فجاءتني وقالت: يا مولاي لا تعجل على فإنك أجلستني بين قوم لا يذكرون اللَّه (٤) فخشيت أن ينزل بهم خسف وأنا معهم.


(١) أحمد بن محمد بن مسروق، أبو العباس البغدادي الزاهد، مصنف جزء القناعة، كان من أعيان الصوفية وعلمائهم، روى عن علي بن الجعد، وعلي بن المديني، وخلف بن هشام وأحمد بن حنبل وغيرهم، وكان الجنيد يخرمه ويعتقد فيه، وقال أبو نعيم الحافظ: صحب الحارث المحاسبي ومحمد بن منصور الطوسي والسري السقطي، قال الدارقطني: ليس بالقوي، توفي سنة (٢٩٨). [تاريخ الإسلام، وفيات (٢٩١ - ٣٠٠)].
(٢) قال تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)﴾ [فاطر (٣٤ - ٣٥)].
قال ابن كثير: أي لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء، والنصب واللغوب كل منهما يستعمل في التعب، وكأن المراد بنفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم، واللَّه أعلم، [تفسير ابن كثير (٣/ ٥٧٦)].
(٣) كلمة غير واضحة بالأصل.
(٤) قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١)﴾ [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١].

<<  <  ج: ص:  >  >>