للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتك، وأسرع، فغُمِيَ عليَّ، وفتحت عيني، وإذا بباب مفتوح، فدخلت، وإذا هو قصر عال. فتطهرت، فنزع إحرامه عني. فصليت، ثم تبعته، فقال يا سهل (١) من أطاع اللَّه أطاعه كل شيء، يا سهل اطلبه تجده، ثم غاب عني فلم أره.

ويحتمل نقله من حكاية.

وقد اشتهر عن الشيخ مفرح الدماميلي أنه رآه بعض أصحابه يوم عرفة بعرفة، ورآه بعض أصحابه في مكانه لم يفارقه، فحلف كل منهما بالطلاق (٢) من زوجته أنه كما ذكر، فاختصما إلى الشيخ، فلم يجبهما.

لأن الولي إذا تحقق في ولايته، ومُكِّن من التصور في روحانيته يعطى من القدرة أن يُتَصَوَّر في صور عديدة في وقت واحد في جهات متعددة، فلا محال إذا.

ويؤيده أن الكعبة المعظمة شوهدت تطوف بجماعة من الأولياء في أوقات، وفي أمكنة غير مكانها.

وقد شوهد قضيب البان يصلي أربع ركعات في أربع صور، فلما سلم الإمام ضحك في وجه الفقيه الذي بجانبه، وقال له: أي الأربعة صلى معكم هذه الصلاة.

وبهذا سُمَّوا أبدالا (٣) على أحد القولين؛ لأنهم إذا غابوا تبدل في مكانهم صور روحانية تخلُفه.

وقد وقع لسيدي عبد القادر (٤) مثل ذلك، وأنه حضر في مجلسه أبو المعالي


(١) قال سهل ابن عد اللَّه: من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث؛ فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة. قلت. أي الذهبي: هكذا كان مشايخ الصوفية في حرصهم على الحديث والسنة، لا كمشايخ عصرنا الجهلة البطلة الأكلة الكسلة. [انظر تاريخ الإسلام، وفيات (٢٨١ - ٢٩٠)].
(٢) روى مسلم في صحيحه [٣ - (١٦٤٦)] كتاب الإيمان، [١٥] باب النهي عن الحلف بغير اللَّه تعالى، عن ابن عمر مرفوعا: "ألا إن اللَّه ﷿ ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فيحلف باللَّه أو ليصمت". قال النووي: قال العلماء: الحكمة في النهي عن الحلف بغير اللَّه تعالى أن الحلف يقتضي تحظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختمة باللَّه تعالى، فلا يضاهى به غيره.
(٣) البدل في اللغة: الخلف والعوض، واحد الأبدال عند الصوفية، والأبدال عند الصوفية وجمعها أبدال، والأبدال إحدى طبقاتها يزعمون أنه إذا ذهب بدل من الأبدال حل محله آخر.
(٤) كان أبو الفتح الهروي يقول: خدمت الشيخ عبد القادر أربعين سنة فكان في مدتها يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان كلما أحدث جدَّد في وقته وضوءه ثم يصلي ركعتين، وكان يصلي العشاء ويدخل خلوته، ولا يُمكِّن أحدا أن يخلها معه، فلا يخرج منها إلا عند طلوع الفجر، ولقد أتاه الخليفة يريد الاجتماع به ليلا فلم يتيسر له الاجتماع إلى الفجر. [الطبقات الكبرى للشعراني (١/ ١١٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>