للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاوى بغير بينة، قلت: فما الذي لك من بينة؟ قالت: هو لي كما أريد؛ لأني له كما يريد. قلت: فأريد الآن سمكا طريا مشويا (١).

قالت: هذا من نزول مقامك وافتجاعك (٢) في غذائك وطعامك، وهلا سألته أن يهب لك من الشوق جناحا تطير به إليه كطيراني؟ ثم طارت وتركتني، فواللَّه ما رأيت أمرَّ من ذُلِّي ولا أحلى من عِزَّها.

فعدوت خلفها (٣) فقلت: يا سيدتي بالذي أعطاك ومنعني، وجاد عليك وخذلني، جودي علي بدعوة. فقالت: أنت لا تريد إلا دعوة الرجال، ثم أنشدت:

ما الجزع وما التقى وما نعمان … أولاك وما طويلغ (والبان) (٤)

وما ينفعني العقيق والسكان … إن لم أركم وبالحي سكان

فقلت لها: إن لم تكن دعوة فزوديني منك بنظرة:

قفي زوديني نظرة من جَمالك … وإلا دعيني سائرا مع جِمالك

وقولي لحادي (٥) العيس (٦) هدئ لسيرنا … ترفق لعبد واله (٧) فتمالك

وجودي على المشتاق منك بنظرة … وفاء له إن الوفاء من فعالك


= الصحابيات، وكذلك الكثير من النساء العابدات، منهن معاذة العدوية، ورابعة العدوية، وعمرة امرأة حبيب، وعفيرة العابدة، وشعوانة، وماجدة القرشية، ورابعة بنت إسماعيل، وامرأة رباح القيسي، وعبيدة بنت أبي كلاب، والسيدة نفيسة، وغيرهن الكثير.
(١) قال تعالى حاكيا عن عيسى : ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [المائدة: ١١٤].
(٢) للصوفية آداب في الصيام فمنها أن لا يصوم واحد بين الجماعة إلا بإذن أصحابه حتى لا يشغل قلوبهم بإفطاره، وليس للصائم أن يدخر لوقت إفطاره نصيبا؛ لأن ذلك ضعف في حاله، وإن كان معهم شيخ فإنهم يصومون ويفطرون بصومه وإفطاره إلا إذا أمرهم بغير ذلك. [انظر المعجم الصوفي (ص ١٥٥)].
(٣) أهل السنة والجماعة يؤمنون بوقوع الكرامات على أيدي الصالحين، وهم المؤمنون المتقون المتبعون لكتاب اللَّه وسنة رسوله ؛ فلا بد من اكتمال خصال الخير من طاعة وأداء ما افترضه اللَّه وسنة رسول اللَّه ، وذلك هو طريق الولاية، ولا سبيل غيره، ومن ادعى طريقا غير هذا فهو طريق الشيطان. وقال بعض الصالحين: لو وجدتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تصدقوه حتى تنظروا التزامه بالكتاب والسنة.
(٤) كذا بالأصل.
(٥) الحادي: الذي يسوق الإبل بالحداء، أي ساقها وحثها على السير بالحداء، وهو الغناء للإبل، جمعها: أحادي.
(٦) العيس: كرام الإبل.
(٧) وَلِهَ فلان ولهًا: اشتد حزنه حتى ذهب عقله وتحير من شدة الوجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>