للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] أي الجارعين له عند امتلاء نفوسهم منه، والمكافين غصتهم عن أعضائه يردون غيظهم في جوفهم.

وورد من حديث معاذ بن أنس: "من كظم غيظا وهو قادر أن ينفذه دعاه اللَّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخير من أي الحوراء شاء" (١).

وإذا غضبت فكن وقورا كاظما … الغيظ تبصر ما تقول وتسمع

فكفى به شرفا بصير ساجد … يرضى عنك الإله وترفع

﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٤] من أساء إليهم؛ قال مقاتل: بُلِّغْتُ أن رسول اللَّه قال عند ذلك: "إن هؤلاء من أمتي قليل إلا من عصمه اللَّه وقد كانوا كثيرًا في الأمم التي مضت" (٢).

لن يبلغ المجد أقوام وإن كُرِّمُوا … حتى يذلوا فإن عز (وا لأقوم) (٣)

ويشتموا فترى الألوان مشرقة … ولا عفو ذل ولكن عفو أحلام

﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] (٤) أي هذه الأشياء إحسان، من فعل ذلك فهو المحسن إلى من أساء إليه. ويحسن وقت الإمكان.

ليس في كل ساعة وأوان … يتهيأ صنائع الإحسان

فإذا مكنت فبادر إليها حذرا … من تعذر الإمكان

وروي من حديث أنسر مرفوعا: "رأيت قصورا مشرفة على الجنة، فقلت: يا جبريل، لمن هذه؟ قال: للكاظمين الغيظ".


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٤٧٧٧)، والترمذي في سننه (٢٤٩٣)، وابن ماجه في سننه (٤١٨٦)، وأحمد في مسنده (٣/ ٤٤٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٦١)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٠٨٨، ٥٠٨٩)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٤٤٩)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ٧٣)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٢٧٥)، والزبيدي في الإتحاف (٧/ ٥٤٩، ٨/ ٢٥)، والعجلوني في كشف الخفا (٢/ ٣٨٠).
(٢) قوله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٤] أي إذا ثار بهم الغيظ كظموه بمعنى كتموه، فلم يعملوه، وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم، وقد ورد في بعض الآثار: يقول اللَّه تعالى: يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت فلا أهلكك فيمن أهلك.
(٣) كذا بالأصل.
(٤) فهذا من مقامات الإحسان، وروى الحاكم في مستدركه (٢/ ٢٩٥) عن ابن كعب رفعه: "من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه، ويعط من حرمه، ويصل من قطعه". وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>