للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بهلول: فلما فرغ من كلامه وقعت مغشيًا عليّ، وانصرف الصبي، فلما أفقت نظرت إلى الصبيان فلم أره معهم، فقلت لهم: من يكون ذلك الغلام؟ قالوا: وما عرفته؟ قلت: لا، قالوا: ذلك من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب (١)، قلت: قد عجبت من أين تكون هذه الثمرة إلا من تلك الشجرة!!

الحادية بعد العشرين: عن بعض الصالحات (٢) وهي شعوانة -رحمها اللَّه- قالت: رزقت ولدًا فربيته أحسن تربية، فلما كبر قال لي: يا أماه سألتك باللَّه إلا ما وهبتيني للَّه -سبحانه- فقلت له: يا بني، لا يصلح أن يهدي للملوك الرؤساء إلا أهل الأدب والتقى، وأنت يا ولدي عر ما تعرف ما يراد بك، ولم يأن لك ذلك، فأمسك عني ولم يقل شيئًا. فلما كان ذات يوم خرج إلى الجبل ليحتطب، ومعه دابة، فلما توسط الجبل نزل عن الدابة وأقبل يحتطب، ويحمل في حبله، حتى جمع حرمة وربطها، وجاء ليطلب الدابة ليحمل عليها، فوجد السبع قد افترسها، فجعل يده في رقبة السبع وقال: يا كلب اللَّه، وحق سيدي لأُحملنَّك الحطب كما تعديت على دابتي، فحمل على ظهره الحطب، وجعل يقوده وهو طائع لأمره، حتى وصل إلى داره، فقرع الباب، فقلت: من بالباب؟ فقال: ولدك الفقير إلى رب الأرباب، ففتحت له الباب، فلما رأيت الحطب على ظهر الأسد قلت: يا بني، ما هذا؟!! فحكى لي القصة فسررت لذلك، وعلمت أن اللَّه قد عني به واصطفاه لخدمته


= ورمي الجمار سبعًا وأيام التشريق ثلاثًا والاستنجاء ثلاثًا وكذا الأكفان، وفي الزكاة خمسة أوسق. . . إلى آخر كلامه، ثم قال: وقيل: إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد اللَّه بالوحدانية والتفرد مخلصًا له، واللَّه أعلم. النووي في شرح مسلم [١٧/ ٦] طبعة دار الكتب العلمية.
(١) الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد اللَّه الهاشمي ريحانة رسول اللَّه وابن بنته فاطمة، السعيد الشهيد، استشهد بكربلاء وله ست وخمسون سنة، وقد حفظ عن جده ، وروى عنه وعن أبويه وخاله هند بن أبي هالة، روى عنه أخوه الحسن وابنه علي وابن ابنه محمد بن علي الباقر وبنته فاطمة بنت الحسين وعكرمة والشعبي والفرزدق همام وطلحة بن عبيد اللَّه العقيلي، قال ابن سعد والزبير بن بكار: مولده في خاص شعبان سنة أربع. تاريخ الإسلام، وفيات [٦١ - ٧٠].
(٢) للصلاح والولاية شروط صنفها الشوكاني فقال في كتاب قطر الولي على حديث الولي [ص ٣٧]: ليس لمنكر أن ينكر على أولياء اللَّه ما يقع منهم من المكاشفات الصادفة الموافقة للواقع، فهذا باب قد فتحه رسول اللَّه -كما ثبت في الصحيحين [البخاري (٣٦٨٩) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣)] عنه قال: "قد كان في الأمم قبلكلم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر منهم"، ثم قال الشوكاني: حق على الولي إن بلغ في الولاية إلى أعلى مقام وأرفع مكان أن يكون مقتديا بالكتاب والسنة وازنا لأفعاله وأقواله بميزان هذه الشريعة المطهرة، واقفا على الحد الذي رسم فيها غير زائغ عنها في شيء من أموره.

<<  <  ج: ص:  >  >>