للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغفل عن ذكره الغافلون"، وروي هذا عن الشافعي من أوجه أُخر.

فروينا عن ابن عبد الحكم قال: "رأيت الشافعي في النوم، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: نعمني وغفر لي، وزففت في الجنة كما تزف العروس، ونثر عليَّ كما ينثر على العروس. فقلت: بم بلغت هذا الحال؟ قال: بقولي في كتاب الرسالة: وصلى اللَّه على محمد عدد ما ذكره الذاكرون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون".

وروى البيهقي في مناقبه وعن أبي الحسن الشافعي (١) قال: "رأيت رسول اللَّه في المنام، فقلت: يا رسول اللَّه بم جزي الشافعي عنك حيث يقول في كتاب الرسالة: صلى اللَّه على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون؟ قال: جزي عني أنه لا يوقف للحساب".

وعن بعض الصالحين قال: رأيت الشافعي في المنام فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بخمس كلمات أصلي بهن على رسول اللَّه . فقيل: وما هي؟ قال: كنت أقول: "اللهم صلي على محمد عدد من يصلي عليه، وصل على محمد بعدد من لم يصل عليه، وصل على محمد كما أمرت أن يصلى عليه، وصلى على محمد كما تحب الصلاة عليه، وصل على محمد كما ينبغي أن يصلى عليه".

وحكي أنه كان شاب يطوف بالبيت ويشتغل بالصلاة على رسول اللَّه فقيل له: هل عندك في هذا شيء؟ قال: نعم؛ خرجت أنا وأبي حاجين، فمرض أبي في بعض المنازل ومات، فاسود وجهه، وازرقت عيناه، وانتفخ بطنه، فبكيت وقلت: "إنا للَّه وإنا إليه راجعون، مات أبي في غربته هذه الموتة، فلما كان الليل غلبني النوم فرأيت رسول اللَّه وعليه ثياب بيض ورائحته طيبة عطرة، فدنا من أبي ومسح على وجهه فصار أشد بياضًا من الليل، ثم مسح على بطنه فصار كما كان، ثم أراد الانصراف، وإذا هو رسول اللَّه، وقال: إن أباك كان يكثر المعاصي والذنوب، وكان يكثر من الصلاة عليَّ، فلما نزل به ما نزل استغاثني فأغثته، وأنا غياث لمن أكثر الصلاة عليَّ في دار الدنيا".


(١) الشافعي: هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، الإمام العلم أبو عبد اللَّه الشافعي المكي المطلبي الفقيه، نسيب رسول اللَّه قال يحيى بن أكثم: كنا عند محمد بن الحسن في المناظرة، وكان الشافعي رجلا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الإصابة، ولو كان أكثر سماعًا للحديث لاستغنى أمة محمد به عن غيره من الفقهاء. انظر تاريخ الإسلام للذهبي [٢٠١ - ٢١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>