للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: الدين: هو مرفوع على ما لم يسم فاعله، وروي منصوبًا، وروي: لن يشاد أحد الدين.

قوله : "إلا غلبه" أي غلبه الدين، وعجز ذلك الشاذ عن مقاومة الدين بكثرة، والغدوة: سير أول النهار، والروحة: آخر النهار، والدجلة: آخر الليل.

وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: استعينوا على طاعة اللَّه -تعالى- بالأعمال في وقت نشاطكم، وفراغ قلوبكم، بحيث تستلذون العبادة، ولا تسأمون فتبلغون مقصودكم، كما أن المسافر الحاذق يسير في هذه الأوقات، ويستريح هو ودابته في غيرها، فيصل المقصود بغير تعب، واللَّه أعلم.

فمن شاء فهو مغلوب عاجز عن مقاومته، منقطع عن مرامه، والمقتصد الواصل. (١)

خامسها: عن أنس قال: "دخل رسول اللَّه فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: "ما هذا الحبل؟ " قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال : "حُلُّوه، ليصل أحدُكُم نشاطه، فإذا فتر فليقعد"" (٢) أخرجاه.

والفتور: منفر من القيام ينقص فيه، وعادة أهله الرقاد، وغيره ليس بمشروع لهم، فما لهم وله.

سادسها: عن عائشة أن رسول اللَّه قال: "إذا نعس أحدكم وهو يصلي


= [١٧٥٥ - الموارد]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ٤٠١]، والسيوطي في الدر المنثور [١/ ١٩٢، ٢/ ٢٢٧]، والقرطبي في تفسيره [١٢/ ٣]، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة [١١٦١].
(١) في الحديث الأول المتقدم في هذا الفصل، وقد رواه مسلم عن عائشة في قوله : "عليكم من الأعمال ما تطيقون" قال النووي: أي تطيقون الدوام عليه بلا ضرر، وفيه دليل على الحث على الاقتصاد في العبادة واجتناب التعمق، وليس الحديث مختصًا بالصلاة، بل هو عام في جميع أعمال البر، وفي قوله : "وإن أحب الأعمال إلى اللَّه ما دووم عليه وإن قل" فيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق . "النووي في شرح مسلم [٦/ ٦٣] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [١١٥٠] كتاب التهجد، [١٨] باب ما يكره من التشديد في العبادة، ومسلم في صحيحه [٢١٩ - (٧٨٤)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، [٣١] باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك، والنسائي [٣/ ٢١٩ - المجتبى]، وأحمد في مسنده [٣/ ٣٠١]، وابن خزيمة في صحيحه [١١٨٠]، والزبيدي في الإتحاف [٥/ ١٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>