للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاسعها: عن عبد اللَّه بن عمرو في قصة صلاته وصومه وقراءته وقوله بعد ما كبر: "يا ليتني قبلت رخصة رسول اللَّه " أخرجاه (١) بطوله.

فالاقتصاد سنة الأكابر المسددين، ومن شدد شُدِّد عليه (٢).

عاشرها: عن حنظلة بن ربيع أحد كتَّاب الوحي قال: "لقيني الصدِّيق فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان اللَّه ما تقول؟! قال: نكون عند رسول اللَّه فيُذكِّرنا بالجنة والنار كأنَّا رأي العين، فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرًا (٣) قال الصديق: فواللَّه إنا لنلقى مثل هذا، وأخبر رسول اللَّه بذلك فقال: "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وطرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" ثلاث مرات. أخرجه مسلم (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [١٩٧٥] كتاب الصوم، [٥٥] باب حق الجسم في الصوم، ومسلم في صحيحه [١٨٢ - (١١٥٩)] كتاب الصيام، [٣٥] باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق، وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم، وأبو داود في سننه [٢٤٢٧] كتاب الصوم، باب في صوم الدهر تطوعًا، وأحمد في مسنده [٥/ ١٨٨]، وعبد الرزاق في مصنفه [٧٨٦٢].
(٢) قال النووي: في حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص وجمع مسلم طرفه فأتقنها، وحاصل الحديث بيان رفق رسول اللَّه بأمته وشفقته عليهم وإرشادهم إلى مصالحهم وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمق والإكثار من العبادات التي يخاف عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها، واختلف العلماء فيه؛ فذهب أهل الظاهر إلى منع صيام الدهر نظرًا لظواهر الأحاديث، قال القاضي وغيره: وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيام المنهي عنها، وهي العيدين والتشريق. "النووي في شرح مسلم [٨/ ٣٣] طبعة دار الكتب العلمية".
(٣) قوله "عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات" هو بالفاء والسين المهملة، قال الهروي وغيره: معناه حاولنا ذلك ومارسناه واشتغلنا به أي عالجنا معايشنا وحظوظنا، والضيعات جمع ضيعة بالضاد المعجمة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة، ورى الخطابي هذا الحرف: عانسنا بالنون، قال: ومعناه لاعبنا، ورواه ابن قتيبة بالسين المعجمة قال: ومعناه عانقنا، الأول هو المعروف وهو أعم. "النووي في شرح مسلم [١٧/ ٥٦] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [١٢ - (٢٧٥٠)] كتاب التوبة، [٣] باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة، وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا، وقال النووي: قوله: "نافق حنظلة" معناه أنه خاف أنه منافق حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا، وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافه من الشر، فخاف أن يكون ذلك نفاقًا، فأعلمهم النبي أنه ليس بنفاق، وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك، وساعة وساعة: أي ساعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>