للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن ما ذكرناه من الأحاديث مدارها على المُرضي للَّه، الموصل إلى اللَّه، المسؤول في أم القرى ضمن كل صلاة ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل: ٩].

على مهيمن: الإغراء والتحذير والبيان والإرشاد وفي المهم الأول: ست تنبيهات: ترغب في المحافظة على السنة، وترهب من إضاعتها، وذكر خواص المحافظة وعاقبتها، والتلويح إلى أساس السنة وأهلها، والرمز إلى أصل المتأهل للحفظ والإضاعة، وحكمتها جلاء وخفاء والإشارة إلى ما تستحقه الروافض، والحافظ من هجر ووداد.

وفي المهم الثاني: بيان جملة من السنن المباركة المهمة النافعة، فمنها: مجالسة الكبراء، كما في حديث البيهقي، وذلك بأمور: أحدها: ترك السؤال الصادر عما لعله أهم للسامع، وثانيها: حسن الموافقة في كل قول وفعل وإرادة، وثالثها: مقابلة الأوامر والأخبار بالسمع والطاعة، والإيمان والتصديق لا بالعلم والرأي، وهي واضحة من الحديث الأول.

ومنها إفادة الكبير للمريدين بالمواعظ المؤثرة، وبالوصايا النافعة لاسيما إذا طلبت بصدق وبالإشارات المهمة كما في الحديث الثاني.

وفيه أيضًا حسن الاستفادة بأربعة أمور: الإقبال بالفهم والقلب كله على الكثير، وسؤال الوصية والعض بالنواجذ (١) على الطريق المرضية، وتجنب ما خالف ذلك، والحذر منه ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ (٢)، ومنها ثلاثة أمور: التحذير الأبلغ مما يخالف بداية العقول على وجه من التغيير بدفع، والمراجعة فيما لا ينفهم حتى ينفهم، وأخذ الحذر مما حذَّر منه الناصح فلا يُعصى بشيء من أوامره البتة.

ومنها: الاحتفال بالأكل باليمين والأمر به لمن يتركه، وقبول النصح والبدار إليه، وترك الكبرياء فإنه مُهلك، وترك النفاق، فلا خير في شئ منه، وتحرِّي الصدق في الاعتذار وغيره ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٣) وتغيير حذر سطوة


= والترمذي في سننه [٨٦٠] كتاب الحج، باب ما جاء في تقبيل الحجر، وأبو داود في سننه [١٨٧٣] في المناسك، باب تقبيل الحجر.
(١) الناجذ: الضرس، جمعها نواجذ، ويقال: ضحك حتى بدت نواجذه، ناجذ: استغرق في الضحك.
(٢) سورة يونس [٣٢].
قوله تعالى ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقّ﴾ [يونس: ٣٢] أي فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن ينفرد بالعبادة ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ [يونس: ٣٢] أي فكل معبود سواه باطل، لا إله إلا هو واحد لا شريك له. "تفسير ابن كثير [٢/ ٤٢٥] ".
(٣) سورة النحل [١٠٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>