للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى" (١).

وروينا في صحيح مسلم من حديث طارق بن أشيم (٢) مرفوعًا: "من قال لا إله إلا اللَّه، وكفر بما يُعْبَدُ من دون اللَّه، حُزم ماله ودمه، وحسابه على اللَّه" (٣).

وفيه وما قبله عصمة دم ومال من أسلم، وترك قتاله حكمنا ظاهر إيمانه، وما يفعله من مباني الإسلام (٤).

وقوله: "وحسابهم على اللَّه" تصريح بأن الغيب للَّه، والظاهر هو الذي يعتمده البشر ليس إلا، ولإيراد هذا الحديث بعد الأول فوائد: أحدها: إيضاح أنه لا فرق بين مقاتل وسالم في ذلك.

ثانيها: بيان أن القول هو المراد بالشهادة المذكورة في الأول.

ثالثها: إن عصمة الدم والمال على سبيل التحريم المحتم.

رابعها: أنه عصمة منه ومن كل أحد.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٥] كتاب الإيمان، [١٧] باب ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، ومسلم في صحيحه [٣٦ - (٢٢)] كتاب الإيمان، [٨] باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. . . .، وأبو داود [١٥٥٦، ٢٦٤٠]، والترمذي [٢٦٠٦، ٢٦٠٧]، والنسائي [٧/ ٧٧، ٧٨ - المجتبى] وابن ماجه [٣٩٢٧، ٣٩٢٨].
(٢) طارق بن أشيم بن مسعود الأشجعي والد أبي مالك سعد بن طارق، صحابي له أحاديث، أخرج له البخاري في الأدب، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. ترجمته: تهذيب التهذيب [٥/ ٢]، تقريب التهذيب [١/ ٣٧٦]، والكاشف [٢/ ٤٠]، أسد الغابة [٣/ ٦٩]، الإصابة [٣/ ٥٠٧]، الوافي بالوفيات [١٦/ ٣٨٠].
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٧ - (٢٣)] كتاب الإيمان، [٨] باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه. . . .، والطبراني في المعجم الكبير [٨/ ١٣٨١] والزيلعي في نصب الراية [٣/ ٣٨٠].
(٤) قال النووي: اعلم أن هذا الحديث بطرقه مشتمل على أنواع من العلوم وجمل من القواعد، ثم ذكرها النووي ومنها: أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول اللَّه ، وقد جمع ذلك بقوله: "أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه ويؤمنوا بي وما جئت به" وفيه: وجوب الجهاد، وفيه: صيانة مال من أتى بكلمة التوحيد ونفسه ولو كان عند السيف، وفيه: أن الأحكام تجري على الظاهر، واللَّه -تعالى- يتولى السرائر، وفيه: جواز القياس والعمل به، وفيه: وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام قليلًا كان أو كثيرًا، وفيه: وجوب قتال أهل البغي، وفيه: وجوب الزكاة في السخال، وفيه: قبول توبة الزنديق. "مختصرًا من شرح مسلم للإمام النووي [١/ ١٨٨، ١٨٩] طبعة دار الكتب العلمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>