للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه امرأة صبيًا (١) فقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم، ولك أجر" (٢) فيه معاونة الحاج بالمال والبدن، ونية الإحرام.

وروينا في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا: "إن الخازن المسلم الأمين الذي يُنفِذُ"، وفي لفظ: "يعطي ما أُمِره به، فيعطيه كاملًا مُوَفَّرًا طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أُمِر له به أحد المتصدقين" (٣) فليحرص على الدفع كما أُمر له به من غير مطل بطيب نفس وبشاشة، ومدار هذه الأحاديث على الترغيب في المعاونة، وبيان مجاريها وصفتها، وقس بالأول والثاني إعانة كل دافع للشر، وبالثالث إعانة كل معظم لأمر اللَّه، (وبالرابع من) (*) مشفق على خلق اللَّه، وفي الرابع: الإعانة بمنفعة الوكالة، وفيما قبله بالمال والبدن (حرامته) (*) وخدمة وغير ذلك.


(١) هذا الحديث فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب علبه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام بل يقع تطوعًا، وهذا الحديث صريح فيه، وقال أبو حنيفة: لا يصح حجه، قال أصحابه: وإنما فعلوه تمرينًا له ليعتاده فيفعله إذا بلغ، وهذا الحديث يرد عليهم، قال القاضي: لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان، وإنما منعه طائفة من أهل البدع ولا يلتفت إلى قولهم، بل هو مردود بفعل النبي وأصحابه وإجماع الأمة، وإنما خالف أبو حنيفة في أنه هل ينعقد حجه وتجري عليه أحكام الحج وتجب فيه الفدية ودم الجبران وسائر أحكام البالغ، فأبو حنيفة يمنع ذلك كله ويقول: إنما يجب ذلك تمرينًا على التعليم، والجمهور يقولون: تجري عليه أحكام الحج في ذلك، ويقولون: حجه منعقد يقع نفلًا لأن النبي جعل له حجًا، قال القاضي: وأجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت ولم يلتفت العلماء إلى قولها. "النووي في شرح مسلم [٩/ ٨٤] ".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٠٩ - (١٣٣٦)] كتاب الحج، [٧٢] باب صحة حج الصبي، وأجر من حج به، وأبو داود في سننه [١٧٣٦] في المناسك، والترمذي [٩٢٤] كتاب الحج، باب ما جاء في حج الصبي، والنسائي [٥/ ١٢١ - المجتبى]، وابن ماجه في سننه [٢٩١٠] كتاب المناسك، باب حج الصبي، وأحمد في مسنده [١/ ٣١٩، ٢٤٤]، والبيهقي في السنن الكبرى [٥/ ١٥٥، ١٥٦]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٧/ ٩٦، ٨/ ٢٩٥].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [١٤٣٨] كتاب الزكاة، [٢٧] باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد، ومسلم في صحيحه [٧٩ - (١٠٢٣)] كتاب الزكاة، [٢٥] باب أجر الخازن الأمين والمراأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة بإذنه الصريح أو العرفي، والنسائي [٥/ ٧٩ - المجتبى]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [١٩٤٩]، والمنذري في الترغيب والترهيب [١/ ٥٦٠]، وقال النووي: معنى هذه الأحاديث أن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجرًا كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، والمراد المشاركة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم إن يكون مقدار ثوابهما سواء بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه. "النووي في شرح مسلم [٧/ ٩٨، ٩٩] طبعة دار الكتب العلمية".
(*) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>