للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه النسائي بإسناد صحيح من حديث طارق بن شهاب البجلي (١) مرفوعًا: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول ما هذا، اتق اللَّه ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله ولا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض" ثم قال: " ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ﴾ [المائدة: ٧٨] إلى قوله: ﴿فَاسِقُونَ﴾ " ثم قال: "كلا واللَّه، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرًا، أو لتقصرنَّه على الحق قصرًا، أو ليضربن اللَّه بقلوب بعضكم بعضًا، ثم ليلعننكم كما لعنهم" (٢) رواه الترمذي وحسنه بلفظ: "لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وآكلوهم وشاربوهم، فضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون".

قال: فجلس رسول اللَّه وكان متكئًا فقال: "لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم (٣) على الحق أطرًا" (٤).

معنى تأطروهم تعطفونهم، ولتقصرنَّه: أي لتحبسنه.

ففيه وجوب تكرير الإنكار، ولا يسقط بمرة، وكيف يسقط وقد رأى المعصية تأتي كل يوم؟ ثم المواكلة والمجالسة تأنيس لا يناسب مُلابِسَ العصيان المصرّ عليه.


(١) طارق بن شهاب بن عبد شمس بن هلال بن سلمة بن عوف بن خثيم أبو عبد اللَّه أبو حية البجلي الأحمسي الكوفي البقري، رأى النبي ولم يسمع منه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة [٨٢، ٨٣]. ترجمته: تهذيب التهذيب [٥/ ٣]، تقريب التهذيب [١/ ٣٧٦]، الكاشف [٢/ ٤٠]، أسد الغابة [٣/ ٧٠]، البداية والنهاية [٩/ ٥١]، تجريد أسماء الصحابة [١/ ٢٧٤]، سير أعلام النبلاء [٣/ ٤٨٦]، الوافي بالوفيات [١٦/ ٣٨٠].
(٢) أخرجه أبو داود في سننه [٤٣٣٦] كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، عن ابن مسعود، والترمذي في سننه [٣٠٤٨] كتاب تفسير القرآن، باب من سورة المائدة، والبيهقي في السنن الكبرى [١٠/ ٩٣].
(٣) تأطروهم: أي حتى تمنعوا أمثالهم من أهل المعصية: أي لا تنجوا من العذاب حتى تميلوهم من جانب إلى جانب، مأخوذ من أطرت القوس إذا حنيتها: أي تمنعوهم من الظلم وتميلوهم عن الباطل إلى الحق فلا عذر لكم حتى تجبروا الظالم على الإذعان للحق.
(٤) أخرجه الترمذي [٣٠٤٧] كتاب الفتن، باب من سورة المائدة، وأحمد في مسنده [١/ ٣٩١]، والمنذري في الترغيب والترهب [٣/ ٢٢٩]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٥١٤٨]، والزبيدي في الإتحاف [٦/ ١٥٢]، وابن كثير في تفسيره [٣/ ١٥٢]، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار [٢/ ١٥٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>