للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا فيه أيضًا من حديث الحسن البصري: "أن عائذ بن عمرو دخل على عبيد اللَّه بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول اللَّه يقول: "شرُّ الرِّعاء الحطمة" (١)، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس فإنما أنت من نُخالة أصحاب محمد ، فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما النخالة بعدهم وفي غيرهم" (٢).

ففيه بيان تغيير اللسان، ولم يقل فيه: أنت منهم، وإنما حذَّره، ثم أنكر بلسانه ثانيًا.

وروينا في جامع الترمذي مُحَسَّنًا من حديث حذيفة مرفوعًا: "والذي نفسي بيده لتأمُرنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ اللَّه أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (٣).

ففيه التهديد البليغ ليُسمع، وفي أدنى من ذلك ما يزجر اللبيب.

وروينا في سنن أبي داود، وجامع الترمذي مُحَسَّنًا من حديث أبي سعيد مرفوعًا: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" (٤).


(١) قوله : "إن شر الرعاء الحطمة" قالوا: هو العنيف في رعيته لا يرفق بها في سَوْقها ومرعاها بل يحطمها في ذلك، وفي سقيها وغيره ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها، وقوله: "إنما أنت من نخالتهم" يعني لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل من سقطهم، والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق وهي قشوره، والنخالة والحقالة والحثالة بمعنى واحد، وقوله: "إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم" هذا من جزيل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة كلهم هم صفوة الناس وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدهم، وكلهم عدول قدوة لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممن بعدهم وفيمن بعدهم كانت النخالة. "شرح مسلم للنووي [١٢/ ١٨١] طبعة دار الكنب العلمية".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٣ - (١٨٣٠)] كتاب الإمارة، [٥] باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، وأحمد في مسنده [٥/ ٦٤]، والطبراني ني المعجم الكبير [١٨/ ١٨]، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين [٧/ ٧٧]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٦/ ١٣٩]، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار [٢/ ٣٤٤].
(٣) أخرجه الترمذي في سننه [٢١٦٩] كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحمد في مسنده [٥/ ٣٨٩]، والطبراني في المعجم الكبير [١٠/ ١٨٠]، والشجري في أماليه [٢/ ٢٣١]، والزبيدي في الإتحاف [٧/ ١٢]، والسيوطي فى الدر المنثور [٢/ ٣٠١، ٣٤١].
(٤) أخرجه أبو داود في سننه [٤٣٤٤] كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، والترمذي [٢١٧٤]، وابن ماجه في سننه [٤٠١١]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٢٢٥]، والطبراني في المعجم الكبير [٨/ ٣٣٨]، والخطيب في تاريخ بغداد [٧/ ٢٣٨، ٢٣٩]، والزبيدي في الإتحاف [٧/ ٦٤]، وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح [١٣/ ٥٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>