للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهو متأيد بمثال خرق السفينة السابق.

وروينا فيهما من حديث أبي سعيد الخدري السابق مرفوعًا (١): "إياكم والجلوس في الطرقات" فقالوا: يا رسول اللَّه ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول اللَّه : "فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه" قالوا: وما حقه؟ قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (٢).

والمراد بكف الأذى من منكرات العين واليد واللسان وظن السوء.

وروينا في صحيح مسلم من حديث ابن عباس: أن رسول اللَّه رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل، فطرحه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في أصبعه" فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول اللَّه : خذ خاتمك انتفع به، قال: لا واللَّه لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول اللَّه (٣).

قلت: وهذا بيان صفة تغيير اليد.


= بالفسوق والفجور، وقيل: المراد الزنا خاصة، وقيل: أولاد الزنا، والظاهر أنه المعاصي مطلقًا، ويهلك بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فتحها وهو ضعيف أو فاسد، ومعنى الحديث: أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، كان كان هناك صالحون. "النووي في شرح مسلم [١٨/ ٣، ٤] طبعة دار الكتب العلمية".
(١) هذا الحديث كثير الفوائد، وهو من الأحاديث الجامعة، وأحكامه ظاهرة وينبغي أن يجتنب الجلوس في الطرقات لهذا الحديث، ويدخل في كف الأذى اجتناب الغيبة، وظن السوء، واحتقار بعض المارين وتضييق الطريق، وكذا إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون أو يخافون منهم ويمتنعون من المرور في أشغالهم بسبب ذلك لكونهم لا يجدون طريقا إلا ذلك الموضع. "النووي في شرح مسلم [١٤/ ٨٦] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٤٦٥] كتاب المظالم، [٢٢] باب أفنية الدور والجلوس فيها، والجلوس على الصعدات، ورقم [٦٢٢٩] كتاب الاستئذان، [٢] باب قول اللَّه - تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا. . .﴾ الآية، ومسلم في صحيحه [٣ - (٢١٢١)] كتاب السلام، [٢] باب من حق الجلوس على الطريق رد السلام، ورقم [١١٤ - (٢١٢١)] كتاب اللباس والزينة، [٣٢] باب النهي عن الجلوس في الطرقات واعطاء الطريق حقه، وأحمد في مسنده [٣/ ٣٦، ٤٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧/ ٨٩]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ٥٢]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٦٤١]، والسيوطي في الدر المنثور [٥/ ٤١]، والزبيدي في الإتحاف [٦/ ٢٤٨، ٧/ ٨].
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٥٢ - (٢٠٩٠)، كتاب اللباس والزينة، [١١] باب تحريم خاتم الذهب على الرجال ونسخ ما كان من إباحته في أول الإسلام، والبيهقي في السنن الكبرى [٢/ ٤٢٤]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٩٩]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٣٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>