للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس؛ تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، وترفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة حتى تعدل بينهما تصلح بينهما يصلح بينهما بالعدل" (١).

وروينا فيهما عن أم كثوم بنت عقبة بن أبي معيط مرفوعًا: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" (٢).

ولمسلم زيادة: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها".

وروينا فيهما من حديث عائشة قالت: "سمع رسول اللَّه صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه (٣) في شيء وهو يقول: واللَّه لا أفعل، فخرج رسول اللَّه عليهما فقال: "أين المتألي على اللَّه لا يفعل المعروف؟ " قال: أنا يا رسول اللَّه، فله أيَّ ذلك أحب" (٤).

معنى يستوضعه: يسأله أن يضع عنه بعض دينه. ويسترفقه: يسأله الرفق. والمتألي: الحالف.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٧٠٧] كتاب الصلح، [١١] باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم، ورقم [٢٨٩١] كتاب الجهاد والسير، [٧٢] باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر، ورقم [٢٩٨٩] كتاب الجهاد والسير، [١٢٨] باب من أخذ بالركاب ونحوه، ومسلم في صحيحه [٥٦ - (١٠٠٩)] كتاب الزكاة، [١٦] باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، وأحمد في مسنده [٢/ ٣١٦]، والبيهقي في السنن الكبرى [٤/ ١٨٨].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٦٩٢] كتاب الصلح، [٢] باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، ومسلم في صحيحه [١٠١ - (٢٦٠٥)] كتاب البر والصلة والآداب، [٢٧] باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، والبيهقي في السنن الكبرى [١٠/ ١٩٧]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٨٢٥، ٥٠٣١]، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة [٢/ ٧٥].
(٣) قوله: "وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه" أي بطلب منه أن يضع عنه بعض الدين ويرفق به في الاستيفاء والمطالبة، وفي هذا الحديث دليل على أنه لا بأس بمثل هذا ولكن بشرط أن لا ينتهي إلى الإلحاح وإهانة النفس أو الإيذاء ونحو ذلك إلا من ضرورة، واللَّه أعلم، وقوله: "أين المتألي على اللَّه لا يفعل المعروف؟ " قال: "أنا يا رسول اللَّه وله أيَّ ذلك أحب" المتألي الحالف والآلية اليمين وفي هذا كراهة الحلف على ترك الخير وإنكار ذلك، وأنه يستحب لمن حلف لا يفعل خيرًا أن يحنث فيكفر عن يمينه، وفيه الشفاعة إلى أصحاب الحقوق وقبول الشفاعة في الخير. "النووي في شرح مسلم [١٠/ ١٨٦] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٧٠٥] كتاب الصلح، [١٠] باب هل يشير الإمام بالصلح؟ ومسلم في صحيحه [١٩ - (١٥٥٧)] كتاب المساقاة، [٤] باب استحباب الوضع في الدين، والبيهقي في السنن الكبرى [٥/ ٣٠٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>