للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا فيهما من حديث سهل بن سعد الساعدي: "أن رسول اللَّه بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج (١) رسول اللَّه يصلح بينهم في أناس معه، فجلس رسول اللَّه وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر، إن رسول اللَّه قد حبس وحانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال وتقدم أبو بكر فكبر وكبر الناس، وجاء رسول اللَّه يمشي في الصفوف حتى وقف في الصلاة، وأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول اللَّه ، فأشار إليه رسول اللَّه، فرفع أبو بكر يده فحمد اللَّه ورجع القهقرى وراءه (٢) حتى قام في الصف، فتقدم رسول اللَّه فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: "أيها الناس ما لكم حين نابكم في الصلاة أخذتم بالتصفيح (٣) إنما التصفيح للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان اللَّه" ثم التفت إلى أبي بكر فقال: "يا أبا بكر ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت عليك؟ " قال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول اللَّه (٤).


(١) في هذا الحديث فضل الإصلاح بين الناس ومشي الإمام وغيره في ذلك وأن الإمام إذا تأخر عن الصلاة تقدم غيره إذا لم يخف فتنة، وإنكار من الإمام، وفي أن المقدم نيابة عن الإمام يكون أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به، وفيه أن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل، وأن الفاضل يوافق. "النووي في شرح مسلم [٤/ ١٢٢] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) وفيه أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة لقوله: صفق الناس، وفيه جواز الالتفات في الصلاة للحاجة واستحباب حمد اللَّه -تعالى- لمن تجددت له نعمة ورفع اليدين بالدعاء، وفعل ذلك الحمد والدعاء عقب النعمة، وإن كان في صلاة، وفيه جواز مشي الخطوة والخطوتين في الصلاة، وفي أن هذا القدر لا يكره إذا كان لحاجة، وفيه جواز استخلاف المصلي بالقوم من يتم الصلاة لهم. "المرجع السابق [٤/ ١٢٢] ".
(٣) التصفيح: في النهاية: التصفيح والتصفيق واحد وهو من ضرب صفحة الكف على صفحة الكف الآخر، وقال النووي: التصفيح أن تضرب المرأة بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر ولا تضرب بطن كف على بطن كف على وجه اللعب واللهو فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [١٢١٨] كتاب العمل في الصلاة، [١٦] باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، ورقم [٢٦٩٠] كتاب الصلح، [١] باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، وأبو داود في سننه [٩٤٠] كتاب الصلاة، باب التصفيق في الصلاة، والطبراني في المعجم الكبير [٦/ ٢١٥].
في هذا الحديث أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه إكرامه بذلك الشيء لا تحتم الفعل، فله أن يتركه، ولا يكون هذا مخالفة للأمر بل يكون أدبًا وتواضعًا وتحذقًا في فهم المقاصد، وفيه ملازمة الأدب مع الكبار، وفيه أن السنة لمن نابه شيء في صلاته كإعلام من يستأذن عليه، وتنبيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>